على وقت بخلاف الأمر الخطير (١) والمراد باليوم يوم القيامة وقال الضحاك : يوم الموت لا يتأخرون(٢) عنه ولا يتقدمون بأن يزاد في أجلكم أو ينقص.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (٣١) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢) وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٣٣)
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ) لما بين التوحيد (٣) والرسالة والحشر وكانوا بالكلّ كافرين بين كفرهم العام بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ) وذلك لأن القرآن مشتمل على الكل وقوله : (وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) يعني التوراة والإنجيل وعلى هذا فالمراد «بالذين كفروا» هم المشركون المنكرون للثواب والحشر. ويحتمل أن يكون المراد بالذين كفروا العموم ويكون المراد بقوله : (الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أن لا نؤمن بالقرآن أنه من الله (وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي ولا بما فيه من الإخبارات والآيات والدلائل وذلك لأن أهل الكتاب لم يؤمنوا بالقرآن أنّه من الله ولا بالذي فيه من الرّسالة وتفاصيل الحشر.
فإن قيل : أليس هم مؤمنين بالوحدانية والحشر؟
فالجواب : إذا لم يصدق واحد بما في كتاب من الأمور المختصة به يقال فيه إنه لم يؤمن بشيء منه وإن آمن ببعض ما فيه لكونه في غيره فيكون إيمانه لا بما فيه كمن يكذب رجلا فيما يقوله فإذا أخبره بأن النار حارة لا يكذبه فيه ولكن لا يقال بأنه صدقه لأنه إنما صدق نفسه فإنه كان عالما به من قبل وعلى هذا فقوله : (بَيْنَ يَدَيْهِ) الذي هو مشتمل عليه من حيث إنه وارد فيه (٤).
قوله : (وَلَوْ تَرى) مفعول «ترى» وجواب «لو» محذوفان للفهم أي ولو ترى حال الظالمين وقت وقوفهم مراجعا بعضهم إلى بعض القول لرأيت حالا فظيعة وأمرا
__________________
(١) قاله الرازي ٢٥ / ٢٥٨.
(٢) في «ب» : تستأخرون وتستقدمون ، بالسين فيهما. وانظر : زاد المسير لابن الجوزي ٦٤ / ٤٥٦.
(٣) انظر في هذا كله تفسير الرازي ٢٥ / ٣٥٩.
(٤) المرجع السابق.