منكرا (١). و «يرجع» حال من ضمير «موقوفون» و «القول» منصوب ب «يرجع» (٢) ؛ لأنه يتعدى قال تعالى : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ) [التوبة : ٨٣] وقوله : (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) إلى آخره تفسير لقوله : «يرجع» فلا محلّ له. و «أنتم» بعد «لو لا» مبتدأ على أصحّ المذاهب ، وهذا هو الأفصح أعني وقوع ضمائر الرفع بعد «لو لا» خلافا للمبرد (٣) ؛ حيث جعل خلاف هذا لحنا ، وأنه لم يرد إلّا في قول زياد :
٤١٣٩ ـ وكم موطن لولاي ... |
|
..........(٤) |
وقد تقدم تحقيقه ، والأخفش جعل إنه ضمير نصب أو جر قام مقام ضمير الرفع (٥). وسيبويه جعله ضمير جر (٦).
فصل
لما وقع اليأس من إيمانهم في هذه الدار بقولهم : (لَنْ نُؤْمِنَ) فإنه لتأبيد النفي وعد النّبيّ عليه (الصلاة (٧) و) السلام ـ بأنه يراهم على أذل حال موقوفين للسؤال يرجع بعضهم إلى بعض القول أي يرد بعضهم إلى بعض القول في الجدال كما يكون عليه حالة جماعة أخطأوا في أمر يقول بعضهم لبعض. (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) استحقروا وهم الأتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وهم القادة والأشراف (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) أي أنتم منعتمونا
__________________
(١) قال الزمخشري في الكشاف : «ولو ترى في الآخرة موقفهم وهم يتجاذبون أطراف المحادثة ويتراجعونها بينهم لرأيت العجب ، فحذف الجواب». الكشاف ٣ / ٢٩٠ وانظر الدر المصون ٤ / ٤٤٥.
(٢) قاله الأخفش في معاني القرآن ٢ / ٦٦٣ قال «لأنك تقول : قد رجعت إليه القول». وقال به السمين في الدر ٤ / ٤٤٥.
(٣) قال في المقتضب ٣ / ٧٦ : «اعلم أن الاسم الذي «لو لا» يرتفع بالابتداء وخبره محذوف لما يدل عليه وذلك قولك في : لو لا عبد الله لأكرمتك» فعبد الله مرتفع بالابتداء وخبره محذوف والتقدير : لو لا عبد الله بالحضرة أو لسبب كذا لأكرمتك».
(٤) جزء بيت من قصيدة ليزيد بن الحكم من الطويل وتمامه :
... طحت كما هوى |
|
بأجرامه من قلّة النّيق منهوي |
و «طحت» هلكت ، «الأجرام» الأجساد ، و «النيق» أعلى الجبل ، و «منهوي» ساقط. وشاهده : وقوع ضمير الاتصال وهو «الياء» بعد «لو لا». وهذا الضمير حقه أن يكون في محل جر أو نصب. والقياس لو لا أنا وقد أنكر المبرد هذا واعتبره لحنا وتحريفا. وانظر الكامل ٣ / ٣٤٥ والكتاب ٢ / ٣٧٤ والخصائص ٢ / ٢٥٩ ، وابن يعيش ٤ / ١١٨ و ٩ / ٢٣ والإنصاف ٦٩٢ وأمالي القالي ٢ / ٦٨ والخزانة ٥ / ٣٣٦ والأشموني ٢ / ٢٠٦ والهمع ٢ / ٣٢ ويس ١ / ٣١٠.
(٥) نقله عنه ابن هشام في مغنيه قال : وقال الأخفش : الضمير مبتدأ ولو لا غير جارة ولكنهم أنابوا الضمير المخفوض عن المرفوع كما عكسوا ، إذ قالوا : «ما أنا كأنت ولا أنت كأنا». وقد اعترض عليه ابن هشام والمبرد قال ابن هشام : النيابة إنما وقعت في الضمائر المنفصلة لاستقلالها.
(٦) انظر الكتاب ٣ / ٣٧٣ ، ٣٧٤.
(٧) زيادة من «ب» والفخر الرازي ٢٥ / ٢٦١.