٤١٤١ ـ إنّ امرءا خصّني عمدا مودّته |
|
على التّنائي لعندي غير مكفور (١) |
وتقدم تقرير هذا آخر الفاتحة (٢) ، وجاء قوله : (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) بغير عاطف ؛ لأنه جواب لقول الضّعفة فاستؤنف بخلاف قوله : (وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) فإنه لم يكن جوابا لعطف ، والضمير في (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) للجميع للأتباع والمتبوعين.
فصل
لما اعترف المستضعفون وقالوا بل مكر الليل والنهار منعنا ثم قالوا لهم إنكم وإن كنتم ما أتيتم بالصارف القطعي والمانع القوي ولكن انضم أمركم إيانا بالكفر إلى طول الأمد وامتداد المدد فكفرنا فكان قولكم جزءا لسبب وقولهم (إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ) أي ننكره (وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً) هذا يبين أن المشرك بالله مع أنه في الصورة مثبت لكنه في الحقيقة منكر لوجود الله لأن من يساويه بالمخلوق المنحوت لا يكون مؤمنا به.
فصل
قوله أولا يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الّذين استضعفوا بلفظ المستقبل وقوله في الآيتين الأخيرتين : «وقال (الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) ، وقال (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) بلفظ الماضي مع أن السؤال والمراجعة في القول لم يقع إشارة إلى أن ذلك لا بدّ من وقوعه فإن الأمر الواجب الوقوع كأنه وقع كقوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠] وأما الاستقبال فعلى الأصل.
قوله : (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) أي أنهم يتراجعون القول ثم إذا جاءهم العذاب الشاغل يسرون ذلك التراجع الدال على الندامة ، وقيل : معنى الإسرار الإظهار وهو من الأضداد أي أظهروا الندامة ويحتمل أن يقال : بأنهم لما تراجعوا في القول رجعوا إلى الله بقولهم أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا وأجيبوا بأن لا مرد لكم فأسرّوا ذلك القول ، وقوله : (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي الأتباع والمتبوعين جميعا في النار ، وهذا إشارة إلى كيفية عذابهم (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الكفر والمعاصي في الدنيا.
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي
__________________
(١) من بحر البسيط لأبي زبيد الطّائي والتنائي : البعد ، و «مودة» منصوب على نزع الخافض ، ومنكر مجحود هو معنى المكفور. وهو يتحدث عن شخص معين بالنعمة والفضل عليه. قد تقدم.
(٢) وانظر هذا كله في تفسير الفخر الرازي مع تغيير طفيف في عبارته.