آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ)(٤٥)
قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ) وقد تقدم أنه يقرأ بالنون والياء (١) في الأنعام(٢).
قوله : (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) إياكم منصوب (٣) بخبر «كان» (٤) قدم لأجل الفواصل والاهتمام (٥). واستدل به على جواز تقديم خبر «كان» عليها إذا كان خبرها جملة فإن فيه خلافا جوزه ابن السراج (٦) ، ومنعه غيره (٧). وكذلك اختلفوا في توسطه إذا كان جملة. قال ابن السّرّاج : القياس جوازه لكن لم يسمع (٨).
قال شهاب الدين : قد تقدم في قوله : (ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) [الأعراف : ١٩] ونحوه أنه يجوز أن يكون من تقديم الخبر وأن لا يكون. ووجه الدلالة هنا أن تقديم المعمول مؤذن بتقديم العامل. وتقدم تحقيق هذا في «هود» في قوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) [هود : ٨] (و) وضع هذه القاعدة.
فصل
لما بين أن حال النبي ـ عليه الصلاة والسلام (٩) ـ كحال من تقدمه من الأنبياء وحال قومه حال من تقدّم (١٠) من الكفار وبين بطلان استدلالهم بكثرة أموالهم (١١) وأولادهم بين ما يكون عاقبة حالهم فقال : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) يعني المكذبين بك (ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ) الذين يدعون أنهم يعبدونهم فإن غاية ما ترتقي (١٢) إليه منزلتهم أنهم يقولون :
__________________
(١) قراءة حفص ويعقوب بالياء والباقون بالنون انظر : البحر المحيط ٧ / ٢٨٦ والدر المصون ٤ / ٤٥١ والسبعة ٢٥٤ و ٥٣٠ والإتحاف ٣٦٠ والنشر ٢ / ٣٥١ وتقريبه ١٦٢ وهي قراءة عشرية متواترة.
(٢) عند قوله تعالى : «وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ» وهي الآية ٢٢ منها.
(٣) على المفعول به فهو معمول لخبر كان وهو محل نزاع هل يقدم أم لا كما سنراه الآن.
(٤) قاله أبو البقاء في التبيان ١٠٧٠.
(٥) الدر المصون للسمين ٤ / ٤٥٢.
(٦) هو : أبو بكر محمد بن السري المعروف بابن السراج كان أحد الأئمة أخذ عن المبرد وإليه انتهت الرئاسة وعنه الفارسيّ والزّجّاجيّ والرّمّانيّ له الأصول وغيرها. مات سنة ٣١٠ ه. النزهة ١٦٦.
(٧) انظر : الأصول في النحو لابن السراج ١ / ٤٩ بالمعنى والهمع للسيوطي ١ / ١١٧ والبحر لأبي حيان ٢٨٧٧.
(٨) المراجع السابقة.
(٩) في (ب) صلىاللهعليهوسلم.
(١٠) في (ب) تقديم.
(١١) في (ب) لكثرة وفي الفخر كما هنا بكثرة.
(١٢) في (ب) يرتقي بالياء.