وخرج على هذين الوجهين إما التعلق بمحذوف وإما نية طرح المضاف إليه وهذا كما احتاجوا إلى تأويل الجمع بين «أل» ومن في أفعل كقوله :
٤١٠٥ ـ ولست بالأكثر منهم حصّى |
|
..........(١) |
وهذه توجيهات شذوذ ويكفي فيها مثل ذلك.
فصل (٢)
قوله : (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ) إشارة إلى أن مثقال لم يذكر للتحديد بل الأصغر منه لا يعزب.
فإن قيل : فأيّ حاجة إلى ذكر الأكبر وإنّ من علم الأصغر من الذرة لا بدّ وأن يعلم الأكبر؟
فالجواب : لما كان الله تعالى أراد بيان إثبات الأمور في الكتاب فلو اقتصر على الأصغر لتوهم متوهم أنه يثبت الصغائر لكونها محل النّسيان وأما الأكبر فلا ينسى فلا حاجة إلى إثباته فقال الإثبات في الكبائر ليس كذلك فإن الأكبر فيه أيضا مكتوب ثم لما بين علمه بالصغائر والكبائر ذكر أن جميع ذلك وإثباته للجزاء فقال : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)(٣).
قوله : «ليجزي» فيه أوجه :
أحدها : أنه متعلق (٤) (بلا) وقال أبو البقاء و (يعزب) (٥) بمعنى لا يعزب أي يحصي ذلك ليجزي (٦). وهو حسن. أو بقوله : «ليأتينكم» أو بالعامل في قوله : (إِلَّا فِي كِتابٍ) أي إلا استقر ذلك (فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ليجزي (٧).
__________________
(١) هذا صدر بيت من السريع للأعشى ميمون عجزه :
.......... |
|
وإنّما العزّة للكاثر |
ديوانه ٩٤ والحصى العدد هنا والكاثر : الكثير وهو في تفضيل أحد الناس على بعض والشاهد قوله : «بالأكثر منهم» فقد جمع بين الألف واللام ومن وذلك ممتنع نحويا وخرج على أن «من» للبيان لا للتفضيل أو أنها للتفضيل ولكنها متعلقة بفعل آخر غير المذكور. والتقدير : بالأكثر أكثر منهم وقد قيل إن من هنا بمعنى (في) ويتعلق بالأكثر. وقيل : إن الألف واللام زائدة ، انظر في هذا : الخزانة ٨ / ٢٥٠ ـ ٢٦٠ والمغني ٥٧٢ وشرح شواهده للسيوطي ٩٠٢ والتصريح ٢ / ١٠٤ والأشموني ٣ / ٤٧ وابن يعيش ٣ / ٦ و ٦ / ١٠٠ و ١٠٣ و ١٠٥.
(٢) زيادة من «ب» عن «أ».
(٣) تفسير الرازي ٢٥ / ٢٤١.
(٤) التبيان ١٠٦٢ والبيان ٢ / ٤٧٤ والبحر المحيط ٧ / ٢٥٨.
(٥) سقط من «ب».
(٦) التبيان ١٠٦٢.
(٧) البحر المحيط ٧ / ٢٥٨ والدر المصون ٤ / ٤١٠.