وهذا مصدر على غير المصدر (١) ، و (مِنْ مَكانٍ) متعلق بالتّناوش.
فصل (٢)
المعنى كيف لهم تناول ما بعد عنهم وهو الإيمان والتوبة وقد كان قريبا في الدنيا فضيّعوه وهذا على قراءة من لم يهمز وأما من همز فقيل معناه هذا أيضا. وقيل : التناوش بالهمز من النّيش وهي حركة في إبطاء ، يقال : جاء نيشا أي مبطئا متأخرا والمعنى من أين لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه (٣).
قال ابن عباس : يسألون الرد فيقال : وأنّى لهم الردّ إلى الدنيا (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) أي من الآخرة إلى الدنيا (٤).
قوله : (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) جملة حالية. وقوله «به» أي بالقرآن. وقيل : بالله أو محمد ـ عليه (الصلاة و) (٥) السلام ـ.
وقيل : بالعذاب أو البعث. و «من قبل» أي من قبل نزول العذاب. وقيل : من قبل أن عاينوا أهوال القيامة (٦) ، ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة والأول أظهر.
قوله : (وَيَقْذِفُونَ) يجوز فيها الاستئناف والحال (٧) ، وفيه بعد. عكس الأول لدخول الواو على مضارع مثبت (٨). وقرأ أبو حيوة ومجاهد ومحبوب عن أبي عمرو : ويقذفون مبنيا للمفعول (٩) أي يرجمون بما يسوؤهم من جزاء أعمالهم من حيث لا يحتسبون.
__________________
ـ الانتياش والتناوش متقارب. ورواه في اللسان : باتت تنوش العنق انتياشا بلفظ «باتت» بدلا من : كانت وانظر : القرطبي ١٤ / ٣١٦ و ٣١٧ والدر ٤ / ٤٥٩.
(١) فإن مصدر الثلاثي معروف فما دام قال تنوش فكان من القياس أن يقول نوشا أو نيشا ولكنه قال انتياشا. قال في اللسان : ناشه بيده ينوشه نوشا : تناوله. اللسان : ن وش.
(٢) زيادة من «ب».
(٣) نقل كل ما سبق البغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٩٦.
(٤) المرجع السابق.
(٥) زيادة من «ب».
(٦) انظر هذه الأقوال في زاد المسير لابن الجوزي ٥ / ٤٧٠ والقرطبي ١٤ / ٣١٧ وقال بحالية تلك الجملة العلامة أبو حيان في بحره ٧ / ٩٤٢.
(٧) نقله أبو حيان في البحر ٧ / ٢٩٤ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٩٦ إلّا أن الزمخشري قال بالحال فقط بينما قال أبو حيان بالحال والاستئناف معا.
(٨) فشرط الجملة الحالية أن يكون فيها رابط والرابط هذا ضمير صاحبها أو الواو. ويتعين الضمير في المصدّرة بمضارع مثبت عار من «قد» أو منفي بلا أو ماض بعد إلا أو بعده. ولا تغني عن الضمير الواو ولا تجامعه غالبا فحتى نعتبر يقذفون حالية علينا أن نقدر ضمير مبتدأ والجملة تصبح حالية بعد أي وهم يقذفون. بتصرف من الهمع ٢ / ٢٤٦.
(٩) نقلها الزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٩٦ وأبو حيان في البحر ٧ / ٢٩٤.