تبعيّة استلزام لا تبعيّة ظهور ، وبقي تعيين المرتبة التي هي محلّ نفوذ الاقتدار بالحركة الحبّية ، ليظهر عين المراد بحسب أحكام الأصول المذكورة التي هي النسب الأصليّة والأسماء الذاتيّة اللازمة حضرة الوحدانيّة الغيبيّة ، حاملا خواصّها ومظهرا أسرارها ، وما عدا هذه الأسماء من الأسماء لهما (١) ، فهي التالية لها إن كانت كلّيّة ، وإلّا فهي الأسماء التفصيليّة المتعلّقة بعالم التدوين والتسطير ، والمتعيّنة فيه ، وقد كنّا بيّنّا أنّه لا يمكن تأثير الشيء في نفسه من حيث وحدته وبساطته ، فاقتضى الأمر تمييز مقام الوحدة عمّا يغايرها ممّا (٢) هو دونها في المرتبة ، ليتميّز منها ما يصلح أن يكون محلّا لنفوذ الاقتدار ، فإنّ المتكافئين فيما هما (٣) فيه متكافئان ـ بنسبتين (٤) كانتا (٥) أو أمرين وجوديّين ـ لا يكون اختصاص أحدهما بالمؤثّريّة في الآخر بأولى من صاحبه ، فلا بدّ من موجب أو معنى كماليّ يرجّح أحدهما على الآخر به ، يصحّ له أن يكون مؤثّرا ، وينزل الآخر عنه بالمرتبة لعود (٦) تلك الصفة الكماليّة أو الأمر المقتضي للترجيح فيكون محلّا لأثر هذا المؤثّر المرجّح (٧).
ولمّا لم يكن في الغيب الإلهي تعدّد وجودي لشيء مّا ؛ لتقدّمه على كلّ شيء وكونه منبع التعدّد والمعدودات كان هذا تعدّدا معنويّا من حيث النسب ، وترجيحا واقعا بين الأحوال الذاتيّة ، فكانت الكثرة في مقام المقابلة من الوحدة ، وعلى إحدى جنبتي الوحدة أحكامها ونسبها ناظرة إلى الكثرة ، وعن الجانب الآخر نسبة الظهور تنظر إليها الكثرة ، والجميع ناظر إلى مقام كمال الجلاء والاستجلاء وكلّ ذلك نظر تودّد وتعشّق بعين المناسبة والارتباط الغيبي ، فسرى الحكم الذاتي الأحدي الجمعي في النسبة العلميّة (٨) بالشروع في تحصيل المقصود وإظهار عينه ، فانقسم الغيب الإلهي شطرين. ومع أنّ السرّ الحبّي له السلطنة في الأمر فلم يخل من حكم قهري هو من لوازم المحبّة والغيرة التابعة للأحديّة ، فتعلّق ـ أعني الحكم القهري الأحدي ـ بالكثرة من حيث ما ينافيها عزّا وأنفة من مجاورة الكثرة لها ، بعد ظهور تعيّنها ؛ إذ قبل التعيّن لم يظهر للمنافاة والغيرة حكم ولا لأمثالهما من النسب.
__________________
(١) كذا. ق : لا توجد.
(٢) ه : عمّا.
(٣) ه : هو.
(٤) ق : نسبتين.
(٥) ق ، ه : كانا.
(٦) ق : لعون ، ب : لفوز.
(٧) ق ، ه : المترجّح.
(٨) في بعض النسخ : العامية.