العلوم والأذكار.
وفتح الفاتحة بذكر أسمائه الكلّيّة التالية الأصليّة الأولى المذكورة في الدرجات والآثار.
وفتح ذكر أسمائه بالباء التي لها التقدمة على الحروف التامّة في أوّل النطق والإبدار.
وفتح باب معرفة ذاته وحضرة جمعه وإشهاده وتجلّيه الكمالي المعتلي على سائر الأسماء والصفات بمن أظهره آخر الوجودات ، وقدّره على صورته ، وحباه بسرّه وسورته ، وجعله خزانة حاوية على كلّ الخزائن والمفتاح الذي هو أصل المفاتيح ، وينبوع الأنوار والمصابيح ، لا يعرفه سوى من هو مفتاحه ، ويعلم هو من المفاتيح ـ التي حوتها ذاته ، واشتملت عليها عوالمه ونشأته ، مفاتيح الغيب وأحاطت بها (١) مراتبه ومقاماته ـ ما شاء ربّه أن يريه منها ويكشف له عنها.
مفاتيح الغيب
فإنّ متعلّق النفي الوارد في قوله سبحانه : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) (٢) إنّما هو نفى أن يعرف مجموعها غير الحقّ ، وأن تعرف من كونها مفاتيح الغيب ، وأن تعرف إلّا (٣) بتعريفه سبحانه وتعليمه.
فأمّا كون المفاتيح لا تعلم نفسها ، ولا يعرف بعضها بعضا ، ولا تعرف من هي مفاتيحه ، لا تعرف بتعريفه دون كسب وقصد ، فذلك لا نصّ فيه.
ومن اطّلع على بعض أسرارها عرف أنّ المتعذّر هو معرفتها من كونها مفاتيح أول مطلق الغيب ، باعتبار فتحها الأوّل لا من حيث حقائقها ؛ فإنّ المفتاحيّة نعت زائد على حقيقتها تعرف بمشاهدة فتحها ومشاهدة كيفيّة الفتح الأوّل. لا يعلمه غير الحقّ ؛ لتقدّمه بالذات على كلّ شيء فإنّه كان ولا شيء معه ، وإن شهد (٤) أحد. الآن سرّ ذلك الفتح الإيجادي ، وكيفيّته ، لكان كالأوّل لا عينه ؛ إذ الفتح الأوّل قد مرّ حديثه.
وأيضا فمعنى المفتاحيّة نسبة بين الحقيقة المنعوتة بها وبين الغيب الذي بفتحه تثبت هذه النسبة والصفة للحقيقة المنعوتة بالمفتاحيّة ، وتحقّق النسبة بين الأمرين يتوقّف على
__________________
(١) ب : به.
(٢) الانعام (٦) الآية ٥٩.
(٣) في بعض النسخ : وأن تعرف لا بتعريفه.
(٤) في الأصل : أشهد.