هذه السورة ، فلنبيّن سرّ الاسم «الربّ» التالي له ، فنقول :
هذا الاسم لا يعقل ولا يرد إلّا مضافا ، وله من حيث الاصطلاح اللغوي خمسة أحكام تستلزم خمس صفات.
فأمّا الأحكام فالثبات ، والسيادة ، (١) والإصلاح ، والملك ، والتربية ؛ لأنّ الربّ هو المصلح ، والسيّد ، والمالك ، والثابت والمربّي.
صلاحه تعالى
فأمّا سرّ كونه مصلحا فلأنّ الممكنات من حيث هي وبالنظر إليها ليس نسبتها إلى الوجود وقبوله والظهور به بأولى من بقائها في مرتبة إمكانها من حيث نسبة اللاقبول واللاظهور ، فترجيح الحقّ جانب إيجادها على بقائها في حجاب إمكانها ـ مع ثبوت أنّ الخير في الوجود والشرّ في العدم ، وكونه سبحانه يزيد العبد إلى نعمة الإيجاد من كونه إيجادا فحسب نعما أخر لا تحصى ولا (٢) يقدر أحد (٣) على أداء شكر اليسير منها ، كالصلاح التامّ ونحوه ـ دليل على رعاية ما هو الأنفع في حقّ العبد والأولى والأصلح.
حكم السيادة
وأما السيادة (٤) فثابتة للحقّ من حيث افتقار غيره إليه في استفادة الوجود منه وغناه بذاته عن استفادة الوجود من الغير ؛ لأنّه عين الوجود ومنبعه ، والغنى حقيقة إضافيّة سلبيّة تدلّ على عدم احتياج الغنيّ إلى غيره فيما ثبت له الاستغناء عنه ، فقد يكون أمرا واحدا.
وقد يكون أكثر من واحد ، مع تعذّر ظهور حكمه على الإطلاق ، كما بيّنّا في سرّ الحمد وغيره من الحقائق.
وله ـ أعني الغنى (٥) ـ أربع مراتب : مرتبة ظاهرة محلّ حكمها الأوّل عالم الدنيا ، ومادّته
__________________
(١) ق : السيارة.
(٢) ب : فلا.
(٣) ق : أحدا.
(٤) ق : السيارة.
(٥) ق : للغنى.