فمتى انفتحت عين البصيرة لإدراك تلك النشأة وخواصّها وقواها وصفاتها وأغذيتها وأحكامها ، سرى حكم النشأة الباطنة وقواها في النشأة الظاهرة سريان حكم صورة الاسم «الباطن» والاسم «الظاهر» فيها عند تمام المحاذاة وارتفاع الحجب المانعة من الإدراك ، فإنّها الجامعة بين الصورتين ، والفائزة بالحسنيين وهي المخلوقة على الصورة ، والصورة الظاهرة الإنسانيّة جزء منها ، فإنّ الصورة الظاهرة نسخة الاسم «الظاهر» والأحوال الإنسانيّة ـ من حيث تبعيّتها لعينه الثابتة وحال كونها بأسرها ثابتة ـ هي نسخة صورة الاسم «الباطن».
وهذه الصورة المنتشية و (١) الناتجة بينهما من الصفات والعلوم الإلهيّة والأخلاق بالامتزاج المذكور ، التالي للامتزاج المختصّ بالنشأة الظاهرة ، هي نسخة صورة الحقّ من حيث حضرة الجمع والوجود وقد مرّ حديثها.
وإن شئت قلت : من حيث الاسم «الله» الجامع ـ كيف ما أردت ـ بشرط معرفة المقصود وخرق حجب العبارات. وهذه هي الولادة الثانية ، التي يشير إليها المحقّقون ، ولها البقاء السرمدي والمقام العليّ ، وأهل الأذواق فيها على مراتب وحصص نشير إليها فيه بعد ، إن شاء الله. ومن هذا المقام يعرف سرّ الاسم «الربّ» وكينونته في العماء ، كما أخبر صلىاللهعليهوآله لمّا سئل : أين كان ربّنا قبل أن يخلق خلقه قال : «كان في عماء ما فوقه هواء ، وما تحته هواء» الحديث ، ويعرف العماء أيضا وما يختصّ به من الأسرار ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، ولتحصيل معرفته فليعمل العاملون.
حكمة العارفين
ثم نقول : فإذا انفتحت عين البصيرة ـ كما قلنا ـ واتّحد نورها بنور البصر ، وهكذا كلّ قوّة من قوى النشأة المذكورة تتّحد (٢) بآلات النشأة الظاهرة ويتّصل حكم بعضها بالبعض ، عرف صاحبها حينئذ سرّ تقويم الصحّة وحفظها على النفس ، وتصريف كلّ قوّة فيما خلقت له (٣)
__________________
(١) ق : لم يرد.
(٢) ب : ينحل.
(٣) في بعض النسخ : له لم يتجاوز.