أحكام ، وللأرواح أيضا صفات وأحكام ، وللأمر الجامع لهما (١) أحكام ، ولمرتبة الاجتماع ـ من حيث هي ـ أحكام ، وللوازم التابعة للاجتماع بها والأمر الجامع أحكام.
فالتدريج والرياضة والتهذيب والسياسة ينتفع بها في خروج ما في القوّة إلى الفعل ورسوخ بعض الأحكام العارضة المحمودة لتصير ذاتيّة أو كالذاتيّة ، وفي إزالة بعض الصفات ورفع أحكامها المذمومة لئلا تترسّخ فيتعذّر الانسلاخ عنها ، ويبقى في المحلّ أحكام (٢) ثابتة مضرّة وكلّ ذلك ليتدرّج الإنسان ، فيصل إلى ما يناسبه من الاعتدال المعنوي والروحاني والصوري المثالي وغير المثالي ، ويستمرّ حكمه المؤجّل إلى الأجل المعلوم المقدّر وغير المؤجّل.
فمن عرف ما ذكرناه ، (٣) عرف سرّ الصورة والظهور بها ، وسرّ الكشف والحجاب وما للأغذية في ذلك من الحكم ، ويعرف سرّ الحلال من الأطعمة والحرام ، وسرّ المجاهدة والرياضة وغير ذلك من الأسرار العظيمة المصونة عن الأغيار. (٤)
المزاج يغلب قوّة الغذاء
واعلم ، أنّه كما أنّ الغذاء إذا ورد على محلّ قد غلب (٥) عليه كيفيّة مّا ، فإنّه يستحيل إلى تلك الكيفيّة ، وكون المزاج ـ إذا كان قويّا ـ أبطل قوة الغذاء وحكمه بغلبة قوّته عليه ، فلم يظهر أثر للخواصّ المودعة في ذلك الغذاء ، التي لو لم تصادف هذا المقام والقاهر ، لبدا أثرها :
فكذلك حكم الخواصّ والقوى الروحانية المودعة في كلّ غذاء مع المزاج الروحاني الذي للمتناول (٦) ، الحاصل (٧) ـ كما قلنا ـ من اجتماعات القوى الروحانيّة والصفات النفسانيّة العلميّة منها والعمليّة ؛ فإنّ هذا المزاج ينتهي في القوّة (٨) إلى حدّ يقلب (٩) أعيان الصفات الروحانيّة إلى الصفة المحمودة الكاملة ، الغالب حكمها على صاحب هذا الحال والمزاج الروحاني المشار إليه ، ويضمحلّ قواها وخواصّها في جنب قوّة هذا الشخص وروحه.
__________________
(١) ق : لها.
(٢) ق : أحكاما.
(٣) ق : ذكرنا.
(٤) ق : الأعيان.
(٥) ق : غلبت.
(٦) ق : للمشارك.
(٧) في بعض النسخ : الخاص.
(٨) ق : القوى للمتن.
(٩) ق : يغلب.