وأيضا فالأسماء المستقلّة ، لها تقدّم على الأسماء المضافة ، والاسم «الملك» ورد مستقلّا بخلاف «المالك» وممّا يؤيّد ذلك أنّ الأسماء المضافة لم تنقل في أسماء الإحصاء الثابتة بالنقل ، مثل قوله عزوجل : (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) (١) و (ذِي الْمَعارِجِ) وشبههما.
وأيضا فالأحاديث النبويّة مبيّنات لأسرار القرآن ، ومنبّهات عليها ، وقد ورد في الحديث في بعض الأدعية النبويّة «لك الحمد لا إله إلّا أنت ربّ كلّ شيء وملكه (٢)» ولم يرد و «مالكه» وهذا السياق مناسب لسياق الأسماء المذكورة في أوّل الفاتحة.
وأيضا ما (٣) ذكروه في ترجيح المالك على الملك ـ من أنّ المالك مالك العبد ، وأنّه مطلق التصرّف فيه ، بخلاف الملك فإنّه إنّما يملك بقهر وسياسة ومن بعض الوجوه ـ فقياس لا يصحّ ولا يطّرد إلّا في المخلوقين لا في الحقّ ؛ فإنّه من البيّن أنّه مطلق التصرّف ، وأنّه يملك من جميع الوجوه ، فلا تقاس ملكيّة غيره عليه ، ولا تضاف النعوت والأسماء إليه إلّا من حيث أكمل مفهوماتها ، وسيّما مما سبق وضوحه بالشرع والبرهان ، فاعلم ، فدلّ ذلك على ترجيح القراءة بملك يوم الدّين.
وأمّا سرّ المالك من حيث الباطن فقد اندرج فيما ذكرته في شرح الاسم «الربّ» فأغنى ذلك عن الإعادة ، فافهم وتذكّر ، والله المرشد.
سرّ اليوم
لا بدّ قبل الشروع في الكلام على أسرار هذه الكلمة من تقديم مقدّمة تكون مذكّرة ببعض ما سلف من الأصول المنبّهة على حقيقة الزمان وما يختصّ به وما [هو] مستنده في الإلهيّات ، فأقول :
قد علمت ممّا مرّ أنّ الغيب الإلهي المطلق لا يحكم عليه بالتناهي ولا التعيين (٤) ولا التقييد ولا غير ذلك ، وأنّ الممكنات غير متناهية ، لكنّ الداخل في الوجود من الممكنات والظاهر
__________________
(١) الأنعام (٦) الآية ٩٦.
(٢) ق : مليكه.
(٣) ق. فما وفي بعض النسخ : ممّا والصحيح ما أثبتناه.
(٤) ق : التعيّن.