وصل من هذا الأصل
اعلم ، أنّ كلّ فعل يصدر من الإنسان من أفعال البرّ ، ويقصد (١) به أمرا مّا غير الحقّ ـ كائنا ما كان ـ فهو فيه يعدّ من الأجراء لا من العبيد.
ومتى صدر منه الفعل المسمّى برّا أو (٢) عملا صالحا ، ولا يقصد به أمرا بعينه ، بل يفعله لكونه خيرا فقط ، كما سبقت الإشارة إليه ، أو لكونه مأمورا بفعله ويكون مطمح نظره في العمل الأمر ولكن ليس لكونه أمرا مطلقا ، بل من حيث الحضور فيه مع الآمر ، فهو الرجل ، فإن ارتقى بحيث أن لا يقصد بما يعمله غير الحقّ كان تامّا في الرجوليّة ، فإن تعدّى هذا المقام بحيث يتحقّق أنّه لا يفعل شيئا إلّا بالحقّ ، كما ورد في الحديث «فبي يسمع ، وبي يبصر وبي يبطش ، وبي يسعى» كان تامّا في المعرفة والرجوليّة.
فإن انضمّ إلى ما ذكرنا حضوره مع الحقّ من حيث صدور أفعاله من العبد وبالعبد ، ويتحقّق ذلك ويشهده بعين الحقّ لا بنفسه ، من حيث إضافة الشهود والفعل والإضافة إلى الحقّ لا إلى نفسه ، فهو العبد المخلص المخلص.
فإن ظهرت عليه أحكام هذا المقام والمقام الذي ـ وهو مقام «فبي يسمع ، وبي يبصر» ـ وغيرهما من المقامات غير متقيّد بهما ولا بمجموعهما ، مع سريان حكم شهوده الأحدي على النحو المشار إليه في كلّ مرتبة ونسبة ، دون الثبات على أمر بعينه ، بل يكون ثابتا في سعته وقبوله كلّ وصف وحكم ، مع عدم تقيّده بمرتبة دون غيرها ، عن علم صحيح منه
__________________
(١) ق : يقصده.
(٢) و.