وصل
في الظهر والبطن والحدّ والمطلع
اعلم ، أنّا بيّنّا في غير موضع (١) من هذا الكتاب أنّ العالم من حيث حقيقته مرآة لأحكام الحضرات الخمس ، وأنّ صور العالم ظاهرة بحسبها ، وما من موجود عيني ولا أمر غيبي إلّا وحكم هذه الحضرات سار فيه ، كما نبّهت عليه غير مرّة. وجميع الخواص والأوصاف واللوازم المضافة (٢) إلى الكون إنّما تظهر بحكم مقام الجمع الأحدي ، الذي تستند (٣) إليه الأسماء والصفات والعوالم والحضرات ، فإنّها منفعلة ومتفرّعة عنه وتابعة له ، وإن كانت في هذا المقام الأنزه الأنوه الذاتي لا تتعدّد (٤) ، بل يظهر عنها وفيها التعيين والتفصيل بحسب مراتب العالمين وأحوالهم ومدركاتهم وتطوّراتهم.
وإذا تقرّر هذا ، فنقول : الكلام الإلهي من أجلّ النسب والصفات الكلّيّة المستوعبة مراتب الإيضاح والإفصاح وقد صدر من حضرة الحقّ ووصل إلينا منصبغا بحكم الحضرات الخمس الأصليّة المذكورة وما اشتملت عليه.
وله ـ كما أخبر صلىاللهعليهوآله ـ ظهر وهو الجليّ والنصّ المنتهي إلى أقصى مراتب البيان والظهور نظير الصور المحسوسة. وله أيضا بطن خفيّ نظير الأرواح القدسيّة المحجوبة عن أكثر المدارك.
وله حدّ مميّز بين الظاهرة والباطنة (٥) به يرتقى من [الظاهر إلى الباطن] و (٦) هو البرزخ
__________________
(١) في الأصل : غير ما موضع.
(٢) ق : المنضافة.
(٣) ه : يستند.
(٤) ه : لا يتعدّد.
(٥) ق : الباطنة والظاهرة ، ه : الظاهر والباطنة.
(٦) ما بين المعقوفين لم ترد في ق.