فصل
في بيان سرّ النبوّة وصور إرشادها وغاية سبلها وثمراتها
اعلم ، أنّ للنبوّة صورة وروحا ، ولكلّ واحدة منهما حكم وثمرة ، فصورة النبوة التشريع وهو على ثلاثة أقسام : قسم لازم يختصّ بكلّ من تعبّده الله في نفسه بشريعة عيّنها له يسلك عليها ويعبد ربّه من حيثها. والشريعة : الطريقة ، فافهم ، وقسم يختصّ بكلّ مرسل للإرشاد إلى طائفة خاصّة ، فحكم نبوّته متعدّ ؛ لأنّه ومن أرسل إليه من الطوائف شركاء فيما عيّن له ، لكن أمر شريعته لا يعمّ.
والقسم الثالث رسالة نبيّنا صلىاللهعليهوآله فإنّها رسالة مشتملة على جميع ضروب الوحي وجميع صور الشرائع ، وأمرها محيط عام مستمرّ لم يعيّن لها انتهاء ، وإنّما ينقضي حكمها بانخرام نظم نشأتي صورة الكون والزمان الذي من جملته طلوع الشمس من مغربها ، وكفى بذلك عبرة وآية.
أحكام النبوّة
ثم نقول : وللنبوّة من حيث أصلها الظاهر الأثر تماما في شريعتنا حكم كلّي يظهر بتفاريعها الخمسة التي هي : الوجوب ، والندب ، والحظر ، والكراهة ، والإباحة باعتبار ترتّبها وانسحابها على سائر المكلّفين بحسب أحوالهم وأفعالهم وفهومهم. وأوقاتهم ونشآتهم ، وما تواطؤوا عليه وأنسته عقولهم وألفته طباعهم ألفة يتعذّر (١)
__________________
(١) ه : تتعذّر.