إلى حين استقراره بصفة صورة الجمع ، بعد استيفاء أحكام مراتب الاستيداع ـ مباشرة تابعة للمشيئة والعناية التابعتين للمحبّة الذاتيّة بالإيجاب العلمي ، فمهتمّ به اهتماما تامّا ، ومتساهل في حقّه ، كما نبّه على الأمرين صلىاللهعليهوآله بقوله في جنازة سعد : «اهتزّ عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ» وقال في طائفة أخرى ؛ لما ذكر : «إنّ الموت ينتقي (١) خيار الناس الأمثل فالأمثل حتى لا تبقي إلّا حثالة كحثالة التمر أو الشعير لا يبالي الله بهم». (٢) فأين من يهتزّ لموته عرش الرحمن ممّن لا يبالي الله بهم أصلا؟ فكما هو (٣) الأمر آخرا ، كذا هو أوّلا ، بل الخاتمة عين السابقة ، فافهم.
ثم نرجع ونقول متمّمين لما وقع الشروع في بيانه : ومكث الإنسان في كلّ عالم وحضرة يمرّ عليها (٤) ويهتمّ (٥) أهل ذلك العالم والمرتبة به وبخدمته وإمداده وحسن تلقّيه أوّلا ومشايعته ثانيا ، هو بحسب ما يدركونه فيه من سمة (٦) العناية وأثر الاختصاص ، وما من عالم من العوالم العلويّة يمرّ عليه إلّا وهو بصدد التعويق أو الانحراف المعنوي ؛ لغلبة صفة بعض الأرواح ـ الذي يتّصل حكمه به ـ عليه ، والأفلاك بالنسبة إلى البواقي ، فيتعوّق أو ينحرف عمّا يقتضيه حكم الاعتدال الحالي الجمعي الوسطي الربّاني ، الذي هو شأن من يختار للنيابة ، ثم الأمثل فالأمثل.
وإذا دخل عالم المولودات ، (٧) ـ وسيّما من حين تعدّي مرتبة المعدن إلى مرتبة النبات وعالمه ـ إن لم تصحبه العناية ولم يصحبه الحقّ بحسن المعونة والمرافقة والحراسة والرعاية ، وإلّا (٨) خيف عليه ، فإنّه بصدد آفات كثيرة ؛ لأنّه بعد دخوله عالم النبات إن لم يكن محروسا معتنى به وإلّا (٩) فقد ينجذب ببعض المناسبات التي تشتمل عليها جمعيّته إلى نبات رديء لا يأكله حيوان ، أولا يمكن أكل الأبوين أو أحدهما له ، ويفسد ذلك النبات الرديء فيخرج منه إلى عالم العناصر ويبقى فيه حائرا عاجزا حتى يعان ويؤذن له في الدخول مرّة أخرى.
__________________
(١) ه : يبتغي.
(٢) جامع المسانيد ، ج ٥ ، ص ١٦٩.
(٣) ه : هو هو.
(٤) ق : عليهما.
(٥) في بعض النسخ : تهمّم.
(٦) ه : سمته.
(٧) ق : ه : المولدات.
(٨ و ٩). كذا في الأصل. والظاهر زيادة موالاة في الموردين.