وصل منه
اعلم ، أنّ النعيم والعذاب ثمرة الرضا والغضب ، ولكلّ منهما ثلاث مراتب ، كما لباقي الصفات على ما عرفت به من قبل عند بيان سرّ الهداية والإيمان والتقى وغير ذلك.
مراتب الغضب
فأوّل درجات الغضب يقضي بالحرمان وقطع الإمداد العلمي ، المستلزم لتسلّط الجهل والهوى والنفس والشيطان والأحوال والأخلاق الذميمة الحاكمة ، لكن كلّ ذلك موقّت إلى أجل معلوم عند الله في الدنيا إلى النفس الذي قبل آخر الأنفاس في حقّ من يختم له بالسعادة كما ثبت شرعا وتحقيقا (١) سواء كانت سلطنة ما ذكرنا (٢) باطنا أو ظاهرا أو هما معا.
والرتبة الثانية تقضي (٣) بانسحاب الحكم المذكور باطنا هنا ، وظاهرا في الآخرة برهة من زمان الآخرة ، أو يتّصل الحكم إلى حين دخول جهنّم وفتح باب الشفاعة ، وآخر مدّة الحكم حال ظهور حكم أرحم الراحمين بعد انتهاء حكم شفاعة الشافعين.
وفي هذه الرتبة حالة أخرى تقضي (٤) بانسحاب حكم ظاهر الغضب ظاهرا هنا فقط منها بتعيّن (٥) المحن على الأنبياء وأهل الله ، وينتهي الأمر بانتهاء حكم هذه النشأة ، كما قال صلىاللهعليهوآله لفاطمة عليهاالسلام حين وفاته : «لا كرب على أبيك بعد اليوم». وهذا الحكم باطنه فيه الرحمة
__________________
(١) كان في الأصل : وسواء.
(٢) ق : ما ذكر.
(٣) ه : يقضي.
(٤) ه : يقضي.
(٥) ه : يتعيّن.