فصل في خواتم الفواتح الكلّيّة وجوامع الحكم
والأسرار الإلهيّة القرآنيّة والفرقانيّة
وهو آخر فصول الكتاب والله متمّ نوره ، فمن ذلك خاتمة تكون لمعظم أسرار الحقّ وأسمائه وأسرار الفاتحة موضحة وفاتحة ، فنقول ـ مبتدئين من بسم الله إلى آخر السورة إن شاء الله ـ :
اعلم ، أنّ الأسماء ـ على اختلاف ضروبها ومفهوماتها في الحقيقة ـ هي أسماء للأحوال ، ولذي الحال ـ من حيث هو ذو حال (١) ، ومن حيث هو مدرك نفسه وما فيها في كلّ حال بحسبه ـ مبدأ تعيّن الجمع (٢) وهو مقام أحديّة الجمع الذي نبّهتك عليه غير مرّة ، وأخبرتك أنّه ليس وراءه اسم ولا رسم ، ولا تعيّن ولا صفة ولا حكم ، لكن تعيّن الأسماء من هذا المقام على نحوين :
النحو الواحد هو بحسب أحكام الكثرة التي يشتمل (٣) عليها هذا المقام وهي الأسماء المنسوبة إلى الكون ، ولهذا نقول وقتا : الكثرة وصف العالم من كونه عالما وسوى ، وفي تجلّي الكثرة وأحكامها تتلاشى العقول النظريّة وتفشّ (٤) عن درك سرّ الوحدة والحسن المستجنّ فيها ، فتجبن عن إضافة شيء من أحكام إلى الحقّ المتعيّن عندها ، وترد بأحكام الكثرة عليها ولا تدري.
وسبب ذلك كونها لم تشهد الوحدة الحقيقيّة التي لا تضادّها الكثرة ولا تقابلها ، بل هي
__________________
(١) ق : أو ذو أحوال.
(٢) ق : الجميع.
(٣) ه : تشتمل.
(٤) يحتمل : تطيش وفي ق : تعشى.