وصل في وصل يتضمّن نبذا من
الأسرار الشرعيّة الأصليّة والقرآنيّة
اعلم ، أنّ خطاب الحقّ عباده بألسنة الشرائع ـ وسيّما الخطاب المختصّ بشريعتنا ـ ينقسم بنحو من القسمة إلى سبعة أقسام كلّيّة تحت كلّ قسم منها أقسام.
فالقسم الأوّل من السبعة يتضمّن الإنباء عن الحقائق ، ويبيّن (١) المضارّ الجليّة والخفيّة والمنافع ، وينقسم إلى قسمين : قسم تستقلّ العقول بإدراكه ابتداء ، أو بعد تنبيه وتذكير ، وقسم لا تستقلّ (٢) العقول (٣) بإدراكه ، بل تفتقر في إدراكه إلى نور إلهي كاشف.
والمراد من ذكر ما هذا شأنه تنبيه النفوس المستعدّة وإمداد الهمم للتشوّق إلى نيله ، والسعي في تحصيله ، كيلا تقنع بالحاصل لها في أوّل وهلة ، فتظنّه الغاية ، وأن ليس وراءه أمر آخر ، فتفتر وتتقاعد عن طلب المزيد.
وربما وقع الإخبار عن بعض ما يتضمّنه هذا القسم بألفاظ توهم بعدا وعظمة مفرطة ، مع أنّ المخبر عنه قد يكون مشهودا حاضرا ولا يشعر به ، ولا يعرف أنّه المسمّى بذلك الاسم ، أو الموصوف بتلك العظمة.
والسرّ فيه إبقاء حرمة الأسرار لتوفّر الرغبات إلى التحقّق بمعرفتها ، ولا تفتر عن الجدّ في الطلب الذي ربما أفاد بعون الله الاطّلاع عليها وعلى غيرها ، بل على الأصل الذي قرنت السعادة بمعرفته.
__________________
(١) ق : يتبيّن ، ه : تبيّن.
(٢) ه : يستقلّ.
(٣) ه : العقل.