والقسم السابع هو ما أريد من الجميع بالقصد المطلق الأوّل (١) الذي ذكرته آنفا ، وله سراية في جميع الأقسام ، ومن تحقّق بميراث المصطفى صلىاللهعليهوآله ، وذاق سرّ التنزّل القرآني من أمّ الكتاب الأكبر بالذوق الاختصاصي عرف أسرار الكتاب العزيز ، وانحصار أقسامه الكلّيّة فيما ذكرناه ، ورأى أنّ فيه التحقّق (٢) التامّ ، وفيه ما قصد (٣) به رعاية حال المخاطبين وفهومهم ، وما تواطؤوا عليه ، وفيه أيضا ما روعيت به حكمة (٤) الموطن والزمان والمكان ، وحال المخاطبين الأوّل ، لحرمة المرتبة الأوّليّة كالسدر المخضود ، والطلح المنضود ، والماء المسكوب ، والظلّ الممدود وغير ذلك مما تكرّر ذكره في الكتاب والسّنة ، ولا حظّ لأكثر الأمّة من ظاهر ذلك في الترغيب وغيره ، ومثله وأساور من فضّة للرجال ، وأنّه تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء (٥) ، فافهم وتذكّر.
ولنذكر الآن أمّهات الأحكام الشرعيّة الكلّيّة فنقول : الحلال على قسمين : مطلق ، ومقيّد ، فالحلال المطلق هو الوجود ؛ لأنّه لم يحجر (٦) على قابل له أصلا ، والمقيّد من وجه هو كلّ أمر يباشره الإنسان المكلّف ، أو يتقلّب فيه بصفة الفعل أو القول أو الحال ، مما لم يحجر عليه هنا ، ولم يتوجّه عليه المطالبة فيما بعد أو العقوبة عاجلا وآجلا.
والحرام حرامان : مطلق وهو الإحاطة بكنه الحقّ بحيث أن يشهد ويعرف كشهود (٧) نفسه بنفسه وكمعرفته بها. والحرام المقيّد من وجه كلّ ما لم يتغيّر حكم الحقّ فيه لتغيّر حال المكلّف ، ولازمه (٨) المطالبة و (٩) المؤاخذة كالشرك وكنكاح الوالدة والولد ونحو ذلك ؛ فإنّ هذا النوع ليس كتحريم الميتة ومثلها ؛ فإنّه متى انصبغ المكلّف بالحالة الاضطراريّة عادة حلال فهذا النوع من الحكم يتنوّع بتنوّع حال المكلّف ، فهو يعيّنه أوّلا بحالة وينسخه ثانيا بحالة (١٠) أخرى ، (١١) وأكثر الأحكام المشروعة هذا شأنها ولا حاجة إلى التعديد والتطويل ، وما سوى ما نذكره فجزئيّات بالنسبة إلى هذه ، فافهم.
__________________
(١) ق : الأوّل المطلق.
(٢) ق : التحقيق.
(٣) ق : يقصد.
(٤) في بعض النسخ : حكمه.
(٥) ه : الضوء.
(٦) ق : يحجره.
(٧) ق : كشهوده.
(٨) ق : ولازمته المطلبة.
(٩) ه : أو.
(١٠) ق : بحالته.
(١١). ق : بحالته.