وصل من جوامع الحكم المناسبة
لأن تكون (١) في خاتمة الكتاب
اعلم ، أنّ من الأشياء ما يحصى علما من حيث أحكامه ومراتبه وصفاته ، ولا يشهد ولا يرى. ومن الأشياء ما يشهد ويرى من حيث هو قابل للشهود ، ومن حيث تعلّقه وتقيّده بشئونه المسمّاة باعتبار صفات وباعتبار أسماء ومراتب ، ونحو ذلك. هذا مع تعذّر الإحاطة به ، والحكم بالحصر عليه ، وحظّنا من الحقّ هذا القسم ، ولقد أحسن بعض التراجم بقوله :
وجد العيان ساك (٢) و (٣) تحقيقا ولم |
|
تحظ العقول بكنهه تصحيحا |
واعلم ، أنّ كلّ ما له عدّة وجوه باعتبار شؤونه المختلفة و (٤) غير ذلك ، فإنّ التفاضل في معرفته إنّما يكون بحسب شرف الوجوه وعلوّها أو نزولها بالنسبة عن الدرجة التي يثبت بها الشرف ، أو بكثرة الوجوه والنسب والأحكام التفصيلية (٥) بمعنى أنّ علم زيد ـ مثلا ـ يتعلّق بخمسة أوجه ، وعلم بكر بعشرة ، وأمّا في معرفة الحقيقة من حيث هي في نفس الأمر فلا يقع فيها تفاضل ولا تفاوت بين العارفين بها أصلا إلّا إذا (٦) كان من معرفة الحقّ ، فإنّه ليس كذلك ؛ إذ المدرك من الحقّ علما وشهودا ليس إلّا ما تعيّن منه ، وتقيّد بحسب الأعيان ، أو قل بحسب شؤونه الظاهر بعضها للبعض ، أو التي هو بها أو بحسبها ، وأدرك منها البعض البعض ،
__________________
(١) ه : يكون.
(٢) ق : هناك.
(٣) كذا في الأصل ولعله سناك.
(٤) ق : أو.
(٥) ق : التفصيلية.
(٦) ق : ما.