[يصعب] التحقّق والتحلّي (١) بما وصفنا أشدّ الصعوبة ولكن «عند الصباح يحمد القوم السّرى» جعلنا الله وسائر الإخوان من أهل هذا المقام العليّ وأرباب هذا الحال السنيّ.
علم الله حقيقة وعلم العبد مجاز
ثم نقول : فإذا انتهى السالك إلى هذا المقام المستور ، وتحقّق بما شرحناه من الأمور ، ورأى بعين ربّه ربّه ، وتحقّق بعكس ذلك أيضا ، أضيف العلم والمعرفة إليه من حيث ربّه لا من حيث هو ولا بحسبه ، وكذا سائر الصفات.
ثم يعلم (٢) على هذا الوجه نفسه أيضا التي هي أقرب الأشياء الكونيّة نسبة إليه ولكن بعد التحقّق بمعرفة الربّ على النحو المشار إليه.
ثم يعلم ما شاء الحقّ أن يعلمه به من الأسماء والحقائق المجرّدة الكلّيّة ، بصفة وحدانيّة جامعة كلّيّة نزيهة البتّة (٣) ، فيكون علمه بحقائق الأشياء وإدراكه لها في مرتبة كلّيّتها حاصلا بالصفة الوحدانيّة الجامعة الإلهيّة ، الحاصلة لدى التجلّي المذكور الصابغ له ، والمذهب بأحديته حكم كثرته الكونيّة الإمكانيّة ، وحكم أحديّاته المنبّه عليها من قبل ، عند الكلام على سرّ الأثر والمناسبة ، فتذكّر.
ثم يدرك أحكام تلك الحقائق وخواصّها وأعراضها ولوازمها بأحكام هذا التجلّي الأحدي الجمعي ، والصفة الكلّيّة المذكورة التي تهيّأ بها للتلبّس بحكم هذا التجلّي الذاتي ، والنور الغيبي العلمي المشار إليه.
سرّ الاستفاضة من العلم اللدنّيّ
وسرّ ذلك وصورته : أنّ الإنسان برزخ بين الحضرة الإلهيّة والكونيّة ، ونسخة جامعة لهما و (٤) لما اشتملتا عليه كما ذكر (٥) ، فليس شيء من الأشياء إلّا وهو مرتسم في مرتبته التي هي عبارة عن جمعيّته. والمتعيّن بما اشتملت عليه نسخة وجوده ، وحوتها مرتبته
__________________
(١) ق : التجلّي.
(٢) ب : يعرف.
(٣) ب : بهيّة إليه.
(٤) ق ، ه : لم يرد.
(٥) ق : ذكره ، ب : ذكرنا.