الإلهي ، فإنّي أريد الغيب المطلق.
٣. ومتى أضفت شيئا إلى الطبيعة ، فقلت : الطبيعي ، فالمراد : كلّ ما للطبيعة فيه حكم ، والطبيعة عندنا عبارة عن الحقيقة الجامعة للحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة ، والحاكمة على هذه الكيفيّات الأربع. والعنصري : ما كان متولّدا من الأركان الأربعة : النار ، والهواء ، والماء ، والتراب ، والسماوات السبع وما فيها عند أهل الذوق من العناصر ، فاستحضر ما نبّهت عليه ، وما سوى هذا الغيب والنفس من المراتب فإنّي أعرّفها عند ذكري لها بما يعلم منه المقصود.
وها أنا أوضّح الآن ما تبقى من أسرار العلم المحقّق ومراتبه والكلام ، ثم أذكر القواعد الكلّيّة التي تضمّنها هذا التمهيد ، وبدء الأمر الإيجادي وسرّه ، ثم يقع الشروع في الكلام على أسرار : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (١) ثم أذكر المفاتيح المتضمّنة (٢) سرّ ما حوته الفاتحة ، والوجود الذي هو الكتاب الكبير على سبيل التنبيه الإجمالي ، وحينئذ أشرع في الكلام على الفاتحة آية بعد آية إن شاء الله تعالى.
أسرار علم التحقيق
وإذا تقرّر هذا ، فاعلم أنّ العلم حقيقة مجرّدة كلّيّة ، لها نسب وخواصّ وأحكام وعوارض ولوازم ومراتب وهو من الأسماء الذاتيّة الإلهيّة ، ولا يمتاز عن الغيب المطلق إلّا بتعيّن (٣) مرتبته من حيث تسميته علما ، وموصوفيّته بأنّه كاشف للأمور ومظهر لها ، والغيب المطلق لا يتعيّن له مرتبة ولا اسم ولا نعت ولا صفة ولا غير ذلك إلّا بحسب المظاهر والمراتب ، كما سنشير إليه.
لا يجوز تعريف العلم
والعلم هو عين النور لا يدرك شيء إلّا به ولا يوجد أمر بدونه ، ولشدّة ظهوره لا يمكن
__________________
(١) الفاتحة (١) الآية ١.
(٢) ق : المضمّنة.
(٣) ق : بتعيين.