ونحو ذلك. وبعد معرفة المقصود فلا مشاحّة في الألفاظ ، سيّما وأهل الاستبصار يعلمون ضيق عالم العبارة بالنسبة إلى سعة حضرة الحقائق والمعاني ، وكون العبارات لا تفي بتشخيص ما في الباطن على ما هو عليه.
ثم نرجع ونقول : ومظاهر الحقائق والأرواح ـ كما قلنا ـ الصور وهي : إمّا بسيطة بالنسبة ، وإمّا مركّبة ، فظهور الأحكام المذكورة في عالم الصور إن تقيّد بالأمزجة والأحوال العنصريّة وأحكامها والزمان المؤقّت ذي الطرفين فهو عالم الدنيا ، وما ليس كذلك فإن تعيّن ظهور محلّ (١) حكمه فهو من عالم الآخرة ، وحضراتها هي الخمسة المذكورة في صدر الكتاب.
فللأولى منها ـ الذي هو الغيب ـ علم الحقّ وهويّته والمعاني المجرّدة والحقائق ؛ وللثانية الشهادة والاسم «الظاهر» ونحو ذلك. وما نسبته إلى الحسّ أقوى ، له الخيال المتّصل ونحوه. وما نسبته إلى الغيب أقوى ، فهو عالم الأرواح. والمتوسّط باعتبار الدائرة الوجوديّة بين مطلق الغيب والشهادة من حيث الإحاطة والجمع والشمول هو عالم المثال المطلق المختصّ بأمّ الكتاب الذي هو صورة العماء ، وله ما مرّ ، وبما لا يمكن ذكره.
وكلّ ذلك إمّا أن يعتبر من حيث النسبة الفعليّة ، أو الانفعاليّة ، أو الجامعة بينهما في سائر المراتب المذكورة ، وتمّ الأمر.
ثم نبيّن الآن صورة الإدراك بالعلم ، وما يختصّ بذلك من أدوات التفهيم والتوصيل والكلام والألفاظ والعلامات ، ونحو ذلك.
صورة الإدراك بالعلم
ثم نقول : إذا علم أحد شيئا ممّا في الحضرة العلميّة المشار إليها بالاطّلاع والكشف المذكور ، فإنّما يعلمه بما تعيّن به ذلك المعلوم من الصفات والمظاهر في المراتب التصوريّة (٢) العامّة والخاصّة ، وبحسب أنواع التركيب (٣) في التشكّلات التي هي أسباب الظهور ،
__________________
(١) ق : محل ظهور.
(٢) س : التصورية. الخاصة ، ق : التصورية العامة و.
(٣) ق : و.