فإنّ تعيّن الحرف ـ مثلا ـ في المرتبة الفعليّة من حيث النسبة الروحانيّة لغلبة أحد الأحكام الخمسة من حيث الأوّليّة أو (١) الحكم الجمعي الأحدي المرتبي (٢) ، نبّه على الحكم بالإعراب وعلى المرتبة بالنقطة ، وتكون واحدة من فوق الحرف ، وإن كانت الغلبة بالاعتبارين : الروحاني والطبيعي ، كانت نقطتين ، وإن كان الأمر بالعكس ـ بمعنى أنّ تميّز الحرف يكون في المرتبة الانفعاليّة بأحد الاعتبارين المذكورين أو كليهما ـ كان النقط من أسفل ، فإن انضاف إلى ذلك حكم الأوّليّة بالنسبة إلى المرتبة الروحانيّة والطبيعيّة هناك أيضا وحصل التناسب ، كان الإعراب أيضا من تحت الحرف كالنقط وهذا يكون إذا كان أحد الحكمين من الخمسة لمرتبة السكون الميّت ، والآخر للصورة الطبيعيّة وإن كان الأمر بالعكس في الاعتبارين وما يناسبهما من الأحكام الخمسة ، كان الإعراب والنقط فوق الحرف.
وإن كانت الغلية لبعض الخمسة ما عدا السكونين ، ويكون التعيّن في المراتب من حيث النسبة الانفعاليّة ، كان الإعراب من فوق والنقط من أسفل وإن كان الأمر بالعكس كان النقط من فوق والإعراب من أسفل.
وإن حصلت الغلبة في مرتبة الجمع والتكافؤ التي هي المرتبة الأخيرة من الثلاثة وكان الحكم من أحد الخمسة للسكون الحيّ ، كان النقط ثلاثا من فوق.
ولمّا لم يظهر هذا الجمع التركيبي إلّا بحسب الاعتبارين المذكورين ـ وهما النسبة الروحانيّة والنسبة الطبيعيّة ـ لذلك (٣) لم ينقط من الحروف ثلاث نقط إلّا الثاء والشين ، فالثّاء لحكم جمع القوى الروحانيّة ، والشين لحكم جمع القوى الطبيعيّة.
والسرّ في أنّ النقط من أسفل لم تكن أكثر من اثنتين أنّ الامتزاج المذكور إنّما يقع بين الأرواح والطبائع ؛ لما بيّنّا ، ولأنّهما مظاهر المعاني والحقائق والمراتب ، فإن غلبت النسبة الروحانيّة بالتفصيل المقدّم ذكره ، كانت النقط من فوق ، وإن غلبت القوى الطبيعيّة ، كانت من تحت ؛ تعريفا لمرتبة الأرواح والطبائع. والنقطة الثالثة لمّا كانت منبّهة على التكافؤ الاعتدالي ، والسرّ الجمعي الأحدي الإلهي الذي تستند إليه سائر الأحكام والآثار ـ كما مرّ
__________________
(١) ق : و.
(٢) ق : والمرتبي.
(٣) في بعض النسخ : هي لذلك.