رشح بال بشرح (١) حال
اعلموا معاشر الإخوان الإلهيّين خاصّة ، والمؤمنين بهم وبأحوالهم والمحبّين لهم عامّة ـ فإنّكم قبلة هذه المخاطبة العليّة ، ومحلّ هذه التحفة السنيّة ـ ، أنّ الله سبحانه منح عبده من عين منّته ، بسابق إحسانه (٢) وعنايته ، بعد التحقّق بمعرفته وشهوده من علم الأسماء والحقائق ، وأسرار الوجود والخلائق ، ما شاء وأحبّ ، حسب القبول والأهليّة ، وخلوص التوجّه لدى التعرّض للنفحات الإلهيّة (٣) وصفاء النيّة ، لا على مقدار جوده ؛ فإنّه أعظم من أن ينحصر أو يتقيّد ، أو ينتهي إلى غاية فيحدّ ، فكان من جملة ما منّ به أن أطلعه على بعض أسرار كتابه الكريم ، الحاوي على كلّ علم جسيم ، وأراه أنّه أظهر عن مقارعة غيبيّة واقعة بين صفتي القدرة والإرادة ، منصبغا بحكم ما أحاط به العلم في المرتبة الجامعة بين الغيب والشهادة ، لكن على نحو ما اقتضاه الموطن والمقام ، وعيّنه حكم المخاطب وحاله ووقته بالتبعيّة والاستلزام ، فالكلام وإن كان مجرّدا من حيث حقيقته ، فإنّه لجمعه حكم الصفتين المذكورتين في طريقته ، وتوقّف ظهوره في عالم الشهادة عليهما ، هو كالمركّب منهما.
فأمّا نسبته من الإرادة فإنّه مقصود (٤) المتكلّم وسرّ إرادته ، ومظهر وموصل وجامع ، ولهذا (٥) يبرز ما كمن في باطن المتكلّم إلى كلّ مخاطب وسامع.
__________________
(١) ق : بلسان.
(٢) ه : حسناه.
(٣) ساقطة من ق.
(٤) ق : فلأنّه لمقصود.
(٥) ق : ولذا.