الغذاء ترابا وهواء وماء ، وذلك كله عديم حياة وإذن فهذا التفسير عن ابن عباس أبعد عن الإشكال.
٨ ـ استدل الكرخي وأبو بكر الرازي بقوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) على أن الأشياء التي يصح أن ينتفع بها خلقت مباحة في الأصل ومنه القاعدة : «الأصل في الأشياء الإباحة» وهذا مبحث من مباحث علم أصول الفقه.
٩ ـ النصوص القرآنية قطعية الدلالة في أن السموات والأرض خلقت في ستة أيام ، ولكن لم يرد نص في الكتاب والسنة يوضح ماهية هذه الأيام الستة ، وماذا تم في كل واحد منها على التعيين ، نقول هذا لأن علماء الكون لهم كلام طويل في موضوع تطور الأرض حتى وصلت إلى ما هي عليه فحتى لا يظن ظان أن هناك كلاما قطعيا في الكتاب والسنة حول هذا الشأن فيعارض به الأبحاث العلمية أحببنا الإشارة إلى هذا الموضوع.
كل ما في الأمر أن هناك كلاما عن أهل الكتاب في هذا الموضوع ، وهو كلام متناقض متهافت ساقط علميا ، وفي كل الأحوال لا ينبغي أن يحسب على الكتاب والسنة أو على الإسلام بشكل عام ، وهناك قضية موهمة وهي أن الإمام مسلما روى حديثا في هذا الموضوع ، فلننقل الحديث وتعليق ابن كثير عليه لنعرف الخطأ في هذا الشأن :
عن أبي هريرة قال : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدي فقال : «خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق الجبال فيها يوم الأحد ، وخلق الشجر فيها يوم الإثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة من آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل» قال ابن كثير : «وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم ، وقد تكلم عليه علي بن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ وجعلوه من كلام كعب (أي كعب الأحبار اليهودي الأصل ثم أسلم) ، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار ، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعا وقد حرر ذلك البيهقي» ا ه كلام ابن كثير. أقول : والنص إذا فهمناه على أنه شرح للأيام الستة وما حدث فيها فإنه يناقض القرآن لأن اليومين الأخيرين من الستة تم فيهما خلق السموات كما نص القرآن على ذلك في سورة فصلت ولهذا وغيره أنكره المحدثون وعلى فرض صحة رفعه ، فإنه يحمل على تسلسل الخلق دون أن يعتبر تفسيرا للستة التي خلق الله بها السموات والأرض ، وعلى ألا يعتبر ذلك