المقطع الثالث من القسم الأول من أقسام سورة البقرة :
يمتد هذا المقطع من الآية (٤٠) إلى نهاية الآية (١٢٣) يبدأ بقوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ.)
وينتهي بقوله تعالى :
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ، وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ، وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ.)
يأتي هذا المقطع بعد قصة آدم التي انتهت بقوله تعالى :
(فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) فكأن المقطع الجديد بعد هذه الخاتمة يقص علينا ـ كنموذج ـ قصة أمة أنزل عليها هدى وكيف كان موقفها من هذا الهدى ، وما هي الدروس التي ينبغي أن تأخذها أمتنا من ذلك.
إن هناك أمة قبلنا قد أنزل عليها هدى ، وبعث فيها رسل ، وكان مما أنزل عليها كتاب سماوي ثم كتاب آخر ، فهي على علم من الله ، وقد أخذ عليها عهودا وهي تعرف عن موضوع العهود والهدى والرسل ما لا يعرفه غيرها. فالمفروض أن تستجيب هذه الأمة لهدى الله الأخير ولكتابه الأخير. ولرسوله الخاتم ، خاصة وعندهم علم في كتبهم عنه ، ولهذا يتوجه الخطاب في السورة إليهم بعد أن خوطب الناس جميعا.
وإذ كانوا أهل الكتاب الأول ـ وللناس ثقة بعلمهم ، وقد يكون موقفهم المتعنت المتكبر من الهدى الجديد سببا في توقف بعض الناس ـ فقد اقتضى ذلك الكلام عن أخلاقهم ومواقفهم من رسلهم ومن الهدى الذي أنزل عليهم ـ لكيلا تستغرب مواقفهم المتعنتة الجديدة.
وإذ كان الهدى الجديد فيه معنى انتزاع الإمامة والقدوة من أمة ، إلى أمة فإن على