الأمة الجديدة أن تعرف ذلك فتخرج عن أي تبعية لغيرها في غير الحق.
وإذا كانت تلك الأمة لم تقم بحق الهدى الذي أنزل إليها حق القيام ، فإن هذا يسجل كدروس لكيلا تقع هذه الأمة فيما وقع فيه غيرها. وإذ كانت تلك الأمة سيكون لها مناقشات ومواقف من أمتنا فإن ذلك يقتضي أن توجه هذه الأمة لتعرف ما ينبغي فعله وقوله في مواجهة هذه المناقشات والمواقف.
ومن خلال ذلك كله يتضح الصراط المستقيم الذي ينبغي أن نسير فيه ، ويتضح صراط المغضوب عليهم والضالين لنتنكب السير فيه.
هذا كله بعض ما في هذا المقطع ، ولكن العرض كان فيه من صور الإعجاز ما يذهل : لقد دعا المقطع الأول في هذا القسم : الناس جميعا للسير في طريق التقوى بسلوك طريق العبادة والتوحيد ، ولكن إذا كان كل الناس تكفيهم توجيهات سريعة للوصول إلى حقيقة التقوى ، فإن أهل الكتاب الأول قد تعقدت أنفسهم ، فلا يكفيهم إلا أن يلاحظوا مجموعة توجيهات ليستطيعوا الانسجام والتفاعل والتسليم مع هذا الدين ولهذا الدين ، ومن ثم جاء المقطع متوجها بمجموعة أوامر ونواه لبني إسرائيل ، ثم أعقبه ما هو بمثابة التعليل لأسباب المطالبة بهذه الأوامر والنواهي ، وقد أعطيت هذه الأمة خلال ذلك كل الدروس اللازمة لإيجاد المناعة عندها ؛ إن في عدم الوقوع في ما وقع فيه هؤلاء ، أو في التحذير من تأثيراتهم السيئة. وخلال ذلك تتعمق كل المعاني التي مرت من قبل.
وهكذا نجد أن المقطع في محله من السورة يحقق مقاصد شتى ، وإذ كان كل كلام عنه قبل عرضه أقل مما ينبغي فلنبدأ العرض :
يتألف المقطع من مدخل وفصلين ، وكل فصل يتألف من فقرات ولطول المقطع فإننا سنعرض أجزاءه جزءا فجزءا.
مدخل إلى المقطع :
يمتد مدخل المقطع من الآية (٤٠) إلى نهاية الآية (٤٦) وهذا هو :
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ