وفي تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) قال ابن جرير : «العرب قد تسمي اليقين ظنا والشك ظنا ، والشواهد من أشعار العرب وكلامها على أن الظن في معنى اليقين أكثر من أن تحصر» وقد استشهد على ذلك ببعض الأبيات ليخلص إلى أن الظن في الآية معناه اليقين.
وقال مجاهد : «كل ظن في القرآن يقين». وقال : «كل ظن في القرآن فهو علم». ونحن مطالبون بأنواع من الصبر : الصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي والصبر على الابتلاءات. وقد عرف سعيد بن جبير الصبر على المصيبة فقال : «الصبر اعتراف العبد لله بما أصيب به فيه واحتسابه عند الله ورجاء ثوابه ، وقد يجزع الرجل وهو يتجلد لا يرى منه إلا الصبر».
والصلاة الكاملة : هي التي يراعي العبد فيها ما يجب فيها من إخلاص القلب ودفع الوساوس الشيطانية والهواجس النفسانية ، ومراعاة الآداب والخشوع واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبار السموات والأرض.
أخرج الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا حزبه أمر صلى وفي رواية لغير أحمد : إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. وقال حذيفة : رجعت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ليلة الأحزاب وهو مشتمل في شملة يصلي وكان إذا حزبه أمر صلى». وقال علي رضي الله عنه : «لقد رأيتنا ليلة بدر وما فينا إلا نائم غير رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلي ويدعو حتى أصبح». وروى ابن جرير : أن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر ، فاسترجع ثم تنحى عن الطريق فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ.)
كلمة في هذه الآيات وسياقها :
ـ في هذا المدخل للمقطع الثالث : خمسة عشر أمرا ونهيا ، أو ما له حكم الأمر أو النهي وهي بمجموعها العلاج الكامل للنفسية الكتابية حتى يصلح أمرها على مقتضى دين الله في صيغته النهائية والخاتمة ؛ الإسلام المنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم ، فالكتابي لا ينصهر بهذا الدين إلا إذا لاحظ مجموع هذا وبقدر انصهاره بمجموع هذه الأوامر ، فإنه يكون أكثر صدقا.