٨ ـ أخرج ابن مردويه والترمذي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي». وأخرج البزار عن أنس عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أربع من الشقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وطول الأمل ، والحرص على الدنيا».
وبعد : فإننا نحب خلال عرض المقطع ألا نكثر من الفوائد وألا نعقد فصولا حتى لا يكون ذلك على حساب وضوح السياق ، فلنؤخر من ذلك إلى نهاية المقطع ما لا يضر تأخيره.
كلمة في السياق :
ـ انتهينا حتى الآن من عرض مدخل المقطع الثالث ومن عرض الفقرتين الأولى والثانية منه واللتين تشكلان الفصل الأول منه ، وقد رأينا أن الفصل قد ارتبط بالآية الأولى من المدخل وهي قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) فجاء الفصل مذكرا بالنعم ، مذكرا بالميثاق ، مذكرا بالخشية من الله. ونلاحظ أن الفصل الثاني يبدأ بخطاب أمتنا (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ ...)
ومن مطلع الفصل الثاني ومما مر معنا من قبل ندرك أن ما اتجهنا إليه في التقسيم إلى فقرات ومقاطع له أدلته التي تدلنا فيها المعاني على ذلك ، وواضح كذلك من بداية الفصل اللاحق أنه مرتبط بالآية التالية في المدخل على الآية التي فصل فيها الفصل الأول : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ ....)
ـ قلنا أثناء الكلام عن مدخل المقطع : إن مجموعة هذه الأوامر والنواهي هي العلاج الكامل للطبيعة اليهودية. ورأينا من خلال الفصل الأول دليل ذلك ، ويكفي أن نشير إلى الآية التي ختم بها الفصل (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ ..) لندرك أنه لا دواء إلا قوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) وسيتضح لنا من خلال الفصل الثاني أن ما اتجهنا إليه كان صحيحا في هذا الشأن ، وبهذه المناسبة نقول :
إن أمتنا نفسها بعد سير طويل قد تعقدت نفسيات الكثير من أبنائها حتى إنه لم يعد يصلحهم إلا أن ينفذوا مجموعة هذه الأوامر والنواهي بسير جاد لترجع نفوسهم إلى صفائها وهذا يقتضي من المربين أن يلحظوا ذلك عمليا إذا ما واتاهم مسلم يريد العودة الكاملة إلى الله ، كما أن على الوعاظ أن يركزوا عمليا على مجموعة هذه القضايا ، وألا يقتصروا على واحد منها كطريقة بعضهم إذ يكتفون بتذكير المسلمين بماضيهم فقط.