يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، فكفروا به حسدا وبغيا إذ كان من غير بني إسرائيل.
قال الألوسي : «فإن من شاهد هاتيك المعجزات الباهرة والآيات الزاهرة يبعد عنه كيفما كان عدم تبين الحق ومعرفة مطالع الصدق ، إلا أن الحظوظ النفسانية ، والشهوات الدنية ، والتسويلات الشيطانية ؛ حجبت من حجبت عن الإيمان ، وقيدت من قيدت في قيد الخذلان» أه هذا هو شرح حال الكثيرين من أهل الكتاب. فما هو الموقف الذي ألزمنا به؟
ـ وأما الموقف الذي ألزمنا به فهو :
(فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) أي فاسلكوا معهم سبيل العفو والصفح عما يكون منهم من الجهل والعداوة. (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) الأمر هنا إما مفرد الأوامر وإما مفرد الأمور. فإن كان مفرد الأوامر فالمراد بالآية (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) أي بالقتل والقتال. وفي إسناد صحيح عن أسامة بن زيد قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال الله (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتأول من العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم بالقتل فقتل الله به من قتل من صناديد قريش.
أما إذا كان الأمر في الآية مفرد الأمور فالمراد به القيامة ، أو المجازاة يومها ، أو قوة الرسالة وكثرة الأمة ، أو المراد به نصر الله وفتحه ، وعلى القول الأول فالآية منسوخة بآيات القتال ، وعلى القول الثاني فالآية محكمة غير منسوخة ، وعلى القول بأنها محكمة فنحن مأمورون بالصفح والعفو حتى يأتي النصر والفتح والغلبة ، وعندئذ فإن حكم الله ينفذ فيهم ، ومحاكمنا تحاكم شططهم ، وسلطتنا تمنع تجاوزاتهم ، وتحول دون مكرهم ، وتحظر مؤسساتهم التي يقيمونها لفتنة المسلمين وخديعتهم.
وعلى القول بأنها محكمة فهي واحدة من آيات محكمات في شأن التعامل مع أهل الكتاب ، وقوتنا وضعفنا هي التي تحكم موقفنا وخطتنا ، وضرورات حركتنا هي التي تحدد الموقف المختار ثم قال تعالى :
(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو يقدر على الانتقام منهم ، ويقدر على الإتيان بما