الذي يقويه المؤلف أن هناك فرعونين ، فرعون الاضطهاد وهو رمسيس الثاني ، وفرعون الخروج وهو ابنه منيتاح ، ويذكر المؤلف أنه في طريقه لمتابعة دراسة على جثة منيتاح لرؤية ما إذا كان مات ميتة غير عادية ، ولا يشعر الدارس للقرآن الكريم وهو يقرأ قصة موسى مع فرعون أنه أمام شخصيتين ، ولكن لنفرض فرضا أن الدراسات العلمية القطعية أوصلتنا إلى تحديد في شأن شخصية فرعون ، وأوصلتنا إلى أن هناك فرعونين فرعون الاضطهاد وفرعون الخروج ، فإن ذلك يكون أحد أسرار استعمال كلمة (الآل) في قوله تعالى (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) ففرعون الاضطهاد إذا صح أنه رمسيس الثاني ، فإن آله (منيتاح) ابنه هو الذي تمت في عهده نجاة موسى وقومه ، وكل ذلك نتوقف فيه على معطيات قطعية تسمح لنا بهذا السير ، أما فقهاؤنا فقد استفادوا من استعمال كلمة الآل ههنا أحكاما فلنرها في الفصل التالي :
فصل في أحكام فقهية من (آل فرعون):
بمناسبة قوله تعالى (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) قال القرطبي : نسب الله تعالى الفعل إلى آل فرعون ، وهم إنما كانوا يفعلون بأمره ، وسلطانه لتوليهم ذلك بأنفسهم ، وليعلم أن المباشر مأخوذ بفعله ، قال الطبري : ويقتضي أن من أمره ظالم بقتل أحد فقتله المأمور فهو المأخوذ به ، قال القرطبي وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال : يقتلان جميعا هذا بأمره والمأمور بمباشرته ... وقال سليمان بن موسى : لا يقتل الآمر ولكن تقطع يداه ثم يعاقب ويحبس ، وهو القول الثاني ويقتل المأمور للمباشرة ... وقال زفر : لا يقتل واحد منهما وهو القول الثالث ... أقول : وعلى القول الثالث فكل منهما يستأهل التعزير ، وقد يصل التعزير إلى القتل إذا رأى الإمام ذلك. ومن هذه المسألة نعرف بعض الأحكام التي تنطبق على الظلمة وأعوانهم ، إذا أدال الله دولتهم ، وكيف ينبغي أن تكون محاسبتهم على ما اقترفت أيديهم ، إن أقل ما يجوز لنا أن نعاملهم به التعزير آمرين ومأمورين من خلال دعاوى ومحاكم يثبت فيها على كل واحد منهم أنه ظلم بأدنى شىء فيقتص منه.
فائدة :
يلاحظ أن الخطاب في المقطع توجه لبني إسرائيل جملة ، وأنب الجميع بفعل البعض ، وأنب اللاحق بفعل السابق ، ومن المعلوم ـ من الدين بالضرورة ـ أن الإنسان لا يسأل