المسيح عليهالسلام القول بالتثليث : هذا القول الذي لا يفهمه المسيحيون أنفسهم ، ولا يفهمه كل من له عقل ، إن الثلاثة ليست واحدا كما يقولون ، وإن الواحد ليس ثلاثة كما يقولون ، وأي عقل يمكنه أن يفهم أن الثلاثة واحد والواحد ثلاثة؟».
أقول إن مأساة المسيحية أنها أرادت أن توفق بين التوحيد الذي أتى به موسى وعيسى ، وبين كلام بولس فوصلت إلى اللامعقولية ثم قدستها ، يقول الشيخ عبد الحليم محمود : ويقول القديس أو غسطين (وهو من أكبر فلاسفة النصرانية) مبررا كل هذا اللامفهوم بلا مفهوم جديد إنه يقول : «أومن بالمسيحية لأنها دين غير معقول».
وهكذا حكمت المسيحية على نفسها باللا معقولية من هذه البداية فدخلت في سلك الأباطيل. إنه يستحيل في منطق العقل أن يجتمع كمال الإله مع البنوة ، لأن النبوة فيها معنى الجزئية ، والله منزه عن الأجزاء ، وفيها معنى الافتقار ، والله منزه عن ذلك.
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ* سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) «سورة الزخرف».
فائدة :
بمناسبة الكلام عن قوله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) قال ابن كثير : «وقال الإمام أحمد ... عن عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في التوراة فقال : (أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وحرزا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، لافظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، ويفتح به أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا) انفرد بإخراجه البخاري ... قال عطاء : ثم لقيت كعب الأحبار فسألته فما اختلفا في حرف إلا أن كعبا قال بلغته : «أعينا عمومى وآذانا صمومى وقلوبا غلوفا» أخرج هذه الزيادة الحافظ أبو بكر بن مردويه.
أقول : إن هذا النقل الصحيح عن ابن عمرو بن العاص له أهميته الكبيرة ، إذ كان عند عبد الله بن عمرو زاملتا بعير من كتب أهل الكتاب ، فهو من المتتبعين لهذه القضايا في كتب أهل الكتاب ، كما كانت في عصر النبوة ، وسأنقل في سورة الأعراف البشارة