الكتاب بالفرائض والحكمة بالسلوك الصحيح (وَيُزَكِّيهِمْ) أي : ويطهرهم من الشرك وسائر الأرجاس الحسية والمعنوية أقول : دل ذلك على أن شأن الوارث الكامل للرسل أن يعلم الكتاب ، ويربي على السلوك الحكيم ، ويطهر الأنفس من شركها وأمراضها ، فمن فاته شىء من ذلك ؛ فاته شىء من الوراثة (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) أي الغالب الذي لا يغلب ، والذي لا يعجزه شىء ، وهو قادر على كل شىء (الْحَكِيمُ) في أفعاله وأقواله فيضع الأشياء في محالها لعلمه وحكمته وعدله.
وبهذا تنتهي الفقرة الأولى من مقطع إبراهيم «وقد أعطتنا دلالات وإيحاءات ، وعلى ضوء هذه الدلالات والإيحاءات تأتي الفقرة الثانية لتواجه الذين ينازعون الأمة المسلمة الإمامة ، وينازعون الرسول صلىاللهعليهوسلم النبوة والرسالة ، ويجادلون في حقيقة دين الله الأصيلة الصحيحة» عن الظلال بتصرف.
فوائد :
١ ـ قال ابن كثير : «وقد اختلف الناس في أول من بنى الكعبة فقيل : الملائكة قبل آدم ... وقيل : آدم ... وروي عن ابن عباس وكعب الأحبار وقتادة وعن وهب ابن منبه أن أول من بناه شيث عليهالسلام ، وغالب من يذكر هذا إنما يأخذه من كتب أهل الكتاب ، وهي مما لا يصدق ولا يكذب ولا يعتمد عليها بمجردها ، وأما إذا صح حديث من ذلك فعلى الرأس والعين».
٢ ـ روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قصة إسماعيل وإبراهيم ومنها ما له علاقة ببناء البيت. «قال : يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر قال : فاصنع ما أمرك ربك ، قال : وتعينني؟ قال : وأعينك ، قال : فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا (وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها ، فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
٣ ـ أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة قال : «قلت يا رسول الله .. ما كان أول بدء أمرك؟ قال : دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى بي ، ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ..» قال ابن كثير : وقوله : (ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام) قيل : كان مناما رأته حين حملت به ، وقصته على قومها