قال ابن كثير : وقال الشافعي في الإملاء : يجهر بالتعوذ وإن أسر فلا يضر وقال في الأم بالتخيير ... واختلف قول الشافعي فيما عدا الركعة الأولى هل يستحب التعوذ فيها على قولين ورجح عدم الاستحباب .. فإذا قال المستعيذ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كفى ذلك عند الشافعي وأبي حنيفة ...
... ثم الاستعاذة في الصلاة إنما هي للتلاوة وهو قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف بل للصلاة ، فعلى هذا يتعوذ المأموم وإن كان لا يقرأ ، ويتعوذ في العيد بعد تكبيرة الإحرام وقبل تكبيرات العيدين ، والجمهور يعدها قبل القراءة. ومن لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث ، وتطييب له وهو لتلاوة كلام الله ، وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة ، وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه ، ولا يقبل مصانعة ولا يدارى بالإحسان ، بخلاف العدو من نوع الإنسان كما دلت على ذلك آيات من القرآن في ثلاث من المثاني ...».
فصل في الحمد : عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله» .. أخرجه الترمذي وقال : حسن غريب. وإنما كان الحمد أفضل الدعاء ، لأنها رأس الشكر والله عزوجل يقول (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) وفي الحديث الذي رواه ابن جرير «إذا : قلت الحمد لله رب العالمين فقد شكرت الله فزادك». وروى ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطي أفضل مما أخذ» ، وقال القرطبي في تفسيره : وفي نوادر الأصول عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لو أن الدنيا بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال : الحمد لله لكان الحمد أفضل من ذلك» قال القرطبي وغيره : أي لكان إلهامه الحمد لله أكثر نعمة من نعم الدنيا لأن ثواب الحمد لا يفنى ، ونعيم الدنيا لا يبقى وفي سنن ابن ماجه عن ابن عمر : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حدثهم : أن عبدا من عباد الله قال يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك فعضلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها فصعدا إلى الله تعالى فقالا : يا ربنا إن عبدا قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها قال الله : ـ وهو أعلم بما قال عبده ـ ماذا قال عبدي؟ قالا : يا رب إنه قال لك الحمد يا رب كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، فقال الله لهما : اكتباها كما قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها». وأخرج الإمام أحمد والنسائي عن الأسود بن سريع قال : قلت يا رسول الله ألا أنشدك محامد