للعذاب ، فقالت عن الكافرين (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) وعن المنافقين (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ.) وفي الآيات التي جاءت بعد المقدمة ذكر فيها ماهية هذا العذاب (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) والمنافقون كفار بل هم شر الكفار.
ـ لاحظ الصلة بين الأمر بالعبادة بعد المقدمة ، وبين صفات المتقين التي وردت في المقدمة ثم لاحظ الصلة بين قوله تعالى (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) في المقدمة ، وبين قوله تعالى فيما بعد (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) ثم لاحظ أن مقدمة سورة البقرة بعد أن قررت أن القرآن لا ريب فيه ذكرت أن المهتدين به هم (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ،) وههنا بعد أن أقامت الآيتان السابقتان على آية الأمر بالبشارة الحجة على أن القرآن لا ريب فيه ، بشر أهل الإيمان والعمل الصالح أي : الذين آمنوا بالغيب وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة واتبعوا الكتاب ، وبهذا عرفنا مظهر الفلاح الذي ورد في مقدمة سورة البقرة في حق المتقين ، وهو أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ..
وإذا عرفنا الصلة بين مقدمة سورة البقرة والفقرة الأولى من المقطع الأول من القسم الأول من أقسام سورة البقرة فلننتقل إلى الفقرة الثانية من المقطع :
الفقرة الثانية :
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها)
قال قتادة : أي إن الله لا يستحيي من الحق أن يذكر شيئا مما قل أو كثر وإن الله حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت قال أهل الضلالة : ما أراد الله من ذكر هذا؟ فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ..). فالمعنى إذن : أن الله لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يستحيي أن يتمثل بها لحقارتها ، و (ما) في الآية إبهامية وهي التي إذا اقترنت باسم نكرة أبهمته إبهاما وزادته عموما (فَما فَوْقَها) : أي فما تجاوزها في المعنى الذي ضربت فيه مثلا وهو القلة والحقارة أو فما زاد عليها في الحجم (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) أي يعلمون أن المثل هو الحق من عند الله والحق هو : الثابت الذي لا يصح إنكاره. (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) أشعر سؤالهم الاستحقار ، وذلك من جهلهم بالله ،