بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين (الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) والصلاة والسلام على سيّد الخلق ، وأشرف المرسلين ، والنور ، والرحمة للعالمين : سيدنا محمد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين.
(وبعد)
فإن القرآن العظيم نور ، وكتاب مبين ، أنزله رب العزة بلسان عربى مبين ، نزل به الروح الأمين على قلب الرسول الأمين ، وجعله المهيمن على جميع الكتب المتقدمة ، والمصدق لها ؛ ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور ، وجعله كتاب الحياة ، والأحياء من أخذ به أفلح ، ومن تمسك به هدى إلى التى هى أقوم ، وسلك الطريق المستقيم ، المؤدى إلى ساحل الأمان ، وشاطئ النجاة ، والمؤدى إلى سعادة الدنيا ، وهناءة الحياة ، والمفضى إلى رحمات الله تعالى فى جنات النعيم.
نزل به الروح الأمين : جبريل (عليه الصلاة والسلام) على سيدنا ، ومولانا محمد الرسول الكريم ؛ ليكون من المنذرين ، وليكون البشير لأهل الطاعة أجمعين ، وليطبقه الرسول الكريم على نفسه ، ويكون لأمته القدوة الطيبة ، والأسوة الحسنة ، والمنهج الذى يأخذ به سعداء الدنيا والآخرة.
وقد أمده الله تعالى الوهاب بفطرة النبوة ، وأعطاه قمة فطنتها ؛ ففصّل مجمله ، ووضح متشابهه ، وأتّمت سنته المطهرة كل شىء يتعلق بتمام العبودية المخبتة. للربوبية العظيمة ، ووضّحت منهج السلوك مع الله الواحد ، الأحد ، الفرد الصمد ، الذى لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، كما أرست قواعد السلوك للفرد ، والأسرة ، والجماعة ، والأمة ، والخلق أجمعين. كما أقامت قواعد الإسلام ، وأعماله من : صلاة ، وزكاة ، وصوم ، وحج ، وغير ذلك ، كما وضعت دساتير قويمة لعلاقة الفرد بأبويه ، وأسرته ، وأولى