الهمزة هاء كثير فى لغتهم ، قال الشاعر (١) :
فهيّاك ، والأمر الّذى إن توسّعت |
|
موارده ضاقت عليك مصادره |
وقالوا فى «أردت» : «هردت» وفى «أرحت الدابة» : «هرحتها» ، وفى «إنّك» : «هنّك».
وكان الوجه فيه : أن مخرج الهاء ، والهمزة متقاربان ، والهاء أخف من الهمزة ، فعدلوا إلى الأخف (٢).
ويقرأ «ويّاك» ـ بواو مكسورة ، مكان الهمزة ، وفى هذا بعد ، إلا أن له وجها من القياس ، وذلك : أنهم قالوا فى «وعاء» : «إعاء» وفى «وشاح» :
«إشاح» ، وفى «وجاج» : «إجاح» فأبدلوا من الهمزة واوا ، وذلك دليل على اشتراك بينهما ، يسوغ قلب أحدهما إلى الأخرى.
ووجه الاشتراك : أن مخرج الهمزة أول المخارج ، مما يلى الحلق ، ومخرج الواو والشفتان وهو أول من جهة طرف الفم ، فهما مشتركان فى الأولية ، وفى أن كل واحد منهما مقابل للآخر ، وفى أن الهمزة ثقيلة ، تخرج بكلفة ، وتهوّع ، والواو ثقيلة ؛ لتعلقها بعضوين ، وهما الشفتان ، فلما اشتركا من هذه الوجوه شاع أن يبدل أحدهما من الآخر (٣).
٦ ـ قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) :
يقرأ ـ بكسر النون ـ وهى لغة فاشية فى العرب ، يكسرون أول حرف
__________________
(١) البيت : لمضرس الأسدى ، أو طفيل بن عوف ، وهو من شواهد المحتسب ١ / ٤٠ ... وديوان طفيل ...
ويقول ابن جنى : «فأما فتح الهمزة فلغة فيها : إياك ، وأياك ، والهاء بدل من الهمزة ، كقولهم :
فى : أرقت : هرقت ، وأردت : هردت ، وأرحت الدابة : هرحت ...» ثم استشهد بالبيت المتقدم.
(٢) الهمزة : مخرجها من أسفل الحلق ، والهاء من الشفتين ، فهى أخف من الهمزة ، ولذلك عدل إليها ، وذلك من الإبدال المسموع.
وانظر كتابنا «بلوغ الأرب فى الواو فى لغة العرب» مخارج الحروف ، وصفات المخارج ...
الفصل الأول.
(٣) لقد أحسن أبو البقاء التعليل للإبدال بين الهمزة ، والواو.