وعلى المعنى الثاني :
٤٣٦١ ـ كأنّ سلافة عرضت لنحس |
|
يحيل شفيفها الماء الزّلالا (١) |
ومنه :
٤٣٦٢ ـ قد أغتدي قبل طلوع الشّمس |
|
للصّيد في يوم قليل النّحس (٢) |
وقيل : يريد به في هذا البيت الغبار ، أي قليل الغبار. وقد قيل بذلك في الآية إنها ذات غبار. و «نحسات» نعت لأيّام ، والجمع بالألف والتاء مطّرد في صفة ما لا يعقل كأيّام معدودات (٣) كما تقدم تحقيقه في البقرة (اللهمّ يسّر) (٤).
فصل
الصّرصر : العاصفة التي تصرصر في هبوبها. روي عن عبد الله بن عبّاس (٥) ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال : الرّياح ثمان ، أربع منها عذاب وهي العاصف ، والصرصر ، والعقيم ، والعاصفة ، وأربع منها رحمة ، وهي : الناشرات ، والمبشّرات ، والمرسلات ، والذّاريات. وعن ابن عباس (٦) رضي الله عنهما : أن الله تعالى ما أرسل على عباده من الريح إلا قدر خاتمي. قال الضحاك : أمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين ، وتوالت الرياح عليهم من غير مطر (٧).
فصل
استدلّ الأحكاميّون من المنجّمين بهذه الآية على أن بعض الأيام يكون نحسا وبعضها سعدا وأجاب المتكلمون بأن المراد بهذه النحسات أي ذات غبار وتراب ثائر ، لا يكاد يبصر فيه ولا يتصرّف فيه ، وقالوا أيضا : معنى كون هذه الأيام نحسات أن الله أهلكهم فيها. وأجاب الأحكاميون بأن الأحكام (٨) في وضع اللغة هي المشئومات لأن
__________________
ـ وهو في التفاؤل والتشاؤم بالنجوم على العادة العربية القديمة. والشاهد : استعمال النحس ضد السعد صفة على فعل بإسكان العين. وانظر المذكر والمؤنث لابن الأنباري ٣٠١ والدر المصون ٤ / ٧٣٧ ومعاني الفراء ٢ / ٧٣.
(١) من الوافر لابن أحمر ، ويحيل : يصب الماء في الحلق ، وهو يصف خمرا بأنها تعرضت لبرد. والشاهد باستعمال نحس بمعنى البرد الشديد ، وانظر اللسان «نحس» ٤٣٦٧ ، والبحر المحيط ٧ / ٤٩١ ، والدر المصون ٤ / ٧٢٧ والطبري ٢٤ / ٦٧.
(٢) شاهده في النحس الذي هو بمعنى الغبار ، وهو من الرجز مجهول قائله ، انظر البحر المحيط ٧ / ٤٩١ والنوادر لأبي زيد ٣٤٥ ، والدر المصون ٤ / ٧٢٧ ولسان العرب «نحس» ٤٣٦٧.
(٣) من البقرة ٢٠٣ وانظر اللباب ميكروفيلم.
(٤) زيادة من أالأصل.
(٥) روى الرازي أنه حديث لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وليس لابن عبّاس.
(٦) الرازي ٢٧ / ١١٢.
(٧) معالم التنزيل للبغوي ٦ / ١٠٨.
(٨) الأصح كما في ب والرازي النحسات لا الأحكام.