تكون في ثلاثة مواطن ، عند الموت وفي القبر وعند البعث (١).
قوله : «أن لا (تَخافُوا) يجوز في «أن» أن تكون المخففة ، أو المفسّرة (٢) ، أو الناصبة (٣) و «لا» ناهية على الوجهين الأولين ، ونافية على الثالث (٤). وقد تقدم ما في ذلك من الإشكال. فالتقدير بأن لا تخافوا أي بانتفاء الخوف. وقال أبو البقاء : التقدير : بأن لا تخافوا ، أو قائلين أن لا تخافوا فعلى الأول : هو حال ، أي نزلوا بقولهم : لا تخافوا. وعلى الثاني : الحال محذوفة (٥). قال شهاب الدين : يعني أن الباء المقدرة حالية ، فالحال غير محذوفة وعلى الثاني الحال هو القول المقدر وفيه تسامح ، وإلا فالحال محذوفة في الموضعين ، وكما قام المقول مقام الحال كذلك قام الجار مقامها (٦). وقرأ عبد الله «لا تخافوا» (٧) بإسقاط «أن» وذلك على إضمار القول ، أي : يقولون لا تخافوا.
فصل
«أن لا (تَخافُوا) من الموت. قال مجاهد : لا تخافون على ما تقدمون عليه من أمر الآخرة ولا تحزنوا على ما خلّفتم من أهل وولد ، فإنا نخلفكم في ذلك كله. وقال عطاء ابن أبي رباح : لا تخافوا ولا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم (٨).
قوله : (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).
فإن قيل : البشارة عبارة عن الخبر الأول بحصول المنافع ، فأما إذا أخبر الرجل بحصول المنفعة ثم أخبر ثانيا بحصولها كان الإخبار الثاني إخبارا ولا يكون بشارة ، والمؤمن قد يسمع بشارات الخير ، فإذا سمع المؤمن هذا الخبر من الملائكة وجب أن يكون هذا إخبارا ولا يكون بشارة ، فما السّبب في تسمية هذا الخبر بشارة؟
فالجواب : أن المؤمن قد يسمع بشارات الخير ، (فإذا (٩) سمع المؤمن هذا الخبر من الملائكة وجب أن يكون هذا إخبارا ولا يكون بشارة! قلنا : المؤمن يسمع أن من كان مؤمنا تقيّا) كان له الجنة أما إذا لم (يسمع) (١٠) ألبتة أنه من أهل الجنة فإذا سمع هذا
__________________
ـ وابن جريج وعنه أخذ ابن المبارك ، وأحمد وزهير بن حرب مات سنة ١٩٧ ه ، انظر الطبقات للداودي ٢ / ٣٥٨ : ٣٦١.
(١) انظر هذه الأقوال في البغوي والخازن ٦ / ١١٠ و ١١١ وانظر القرطبي ١٥ / ٣٥٨ ففيه المزيد من الأقوال أيضا.
(٢) قال بذلك الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٥٣.
(٣ و ٤) الدر المصون ٤ / ٧٣٣ لتوضيح وتفصيل ما أفهمه كلام الزمخشري في المرجع السابق.
(٥) التبيان ١١٢٥ و ١١٢٦.
(٦) الدر المصون ٤ / ٧٣٣.
(٧) قراءة شاذة غير متواترة نقلها الكشاف ٣ / ٤٥٣ والفراء في معاني القرآن ٣ / ١٨.
(٨) انظر البغوي ٦ / ١١١.
(٩ و ١٠) بياض من النسخ وتكملة من الرازي المصدر لهذا الكلام.