معنى الآيات فقيل : خلقهنّ. ذكر الزمخشري (١) أيضا أنه يعود على لفظ الآيات وهذا هو الوجه الثاني.
الثالث : أنه يعود على الشمس والقمر ؛ لأن الاثنين جمع ، والجمع مؤنث لقولهم : «شموس وأقمار» (٢).
وقال البغوي : إنما قال خلقهنّ بالتأنيث لأنه أجراها على طريق جمع التكسير ، ولم يجر على طريق التغليب للمذكر على المؤنث (٣).
قوله : (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) قيل : كان ناس يسجدون للشمس والقمر كالصّابئين في عبادتهم الكواكب ويزعمون أنهم يقصدون بالسجود لهما السجود لله ، فنهوا عن هذه الواسطة وأمروا أن لا يسجدوا إلا لله الذي خلق هذه الأشياء (٤).
قوله : (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) أي عن السجود (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) لا يملّون.
فإن قيل : إن الذين يسجدون للشمس والقمر يقولون نحن أقلّ وأذلّ من أن يحصل لنا أهليّة لعبادة الله تعالى ولكنا عبيد للشمس والقمر وهما عبدان لله تعالى ، وإذا كان قولهم هكذا فكيف يليق بهم أنهم استكبروا عن السجود لله تعالى؟!.
فالجواب : ليس المراد من الاستكبار ههنا ما ذكرتم بل المراد استكبارهم عن قبول قولك يا محمد بالنهي عن السجود للشمس والقمر (٥).
فصل
قال ابن الخطيب ليس المراد بهذه العنديّة قرب المكان ، بل يقال : عند الملك من الجند كذا وكذا ، ويدل عليه قوله : «أنا عند ظنّ عبدي بي» (٦) وأنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي في مقعد صدق عند ملك مقتدر ، ويقال : عند الشافعي : أنّ المسلم لا يقتل بالذّمّيّ.
فصل
دلّت هذه الآية على أن الملك أفضل من البشر ؛ لأنه إنما يستدلّ بحال الأعلى على الأدنى فيقال : هؤلاء القوم (٧) إن استكبروا عن طاعة فلان ، فالأكابر يخدمونه.
__________________
(١) الكشاف للزمخشري ٣ / ٤٥٤ ، وقد قال بذلك أيضا أبو البركات ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٤٠ قال والهاء والنون في «خلقهن» تعود على الآيات ، ولا تعود على الشمس والقمر والليل والنهار ؛ لأنّ المذكر والمؤنث إذا اجتمعا غلب جانب المذكر على جانب المؤنث.
(٢) قال بذلك أبو حيان في البحر ٧ / ٤٩٩.
(٣) معالم التنزيل له ٦ / ١١٢.
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٥٤ والرازي في التفسير الكبير ٢٧ / ١٢٩.
(٥) المرجع السابق.
(٦) سبق هذا الحديث.
(٧) لفظ إن سقط من أالأصل.