كما كذّبت. وقيل : المراد ما قال لك إلا مثل ما قال لسائر الرسل وهو أنه أمرك وأمرهم بالصبر على سفاهة الأقوام (١).
قوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) قيل : هو مفسر للمقول كأنه قيل : قيل للرسل إن ربك لذو مغفرة (٢) وقيل : هو مستأنف (٣) ومعناه لذو مغفرة لمن تاب وآمن بك ، وذو عقاب أليم لمن أصر على التكذيب.
قوله تعالى : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٤٤) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ)(٤٧)
قوله : (وَلَوْ جَعَلْناهُ) أي جعلنا هذا الكتاب الذي يقرؤه على الناس قرآناه أعجميّا بغير لغة العرب (لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) أي هلا بينت آياته بالعربية حتى نفهمها.
قوله : (ءَ أَعْجَمِيٌّ) قرأ الأخوان وأبو بكر بتحقيق الهمزة ، وهشام بإسقاط الأولى ، والباقون : بتسهيل الثانية بين بين (٤). وأما المدّ فقد عرف حكمه من قوله (أَأَنْذَرْتَهُمْ) [البقرة : ٥] في أول الكتاب. فمن استفهم قال معناه أكتاب أعجمي ورسول عربي (٥)؟ وقيل : ومرسل إليه عربي (٦)؟ وقيل : معناه (أ(٧)) بعضه أعجمي وبعضه عربي (٨)؟ ومن لم يثبت همزة الاستفهام فيحتمل أنه حملها (٩) لفظا وأرادها معنى ، وفيه توافق القراءتين ، إلا أن ذلك لا يجوز عند الجمهور إلا (١٠) إذا كان في الكلام «أم» نحو : بسبع رمين الجمر أم بثمان (١١).
__________________
(١) السابق.
(٢) ذكره أبو حيان في البحر ٧ / ٥٠١ والسمين في الدرّ ٤ / ٧٣٦.
(٣) المرجع الأخير السابق.
(٤) إحدى القراءات المتواترة ، ذكرها مكي في الكشف ٢ / ٢٤٨ ، وابن الجزري في النشر ٢ / ٣٦٧ وانظر السبعة ٥٧٧ ، والإتحاف ٣٨١ ، وإبراز المعاني ١٢٨ ، والبحر المحيط ٧ / ٥٠٢ ، والكشاف ٢ / ٤٥٥.
(٥) الكشف ٢ / ٢٤٨ ، ومعاني الفراء ٣ / ١٩ ، والكشاف ٣ / ٤٥٥.
(٦) الأخير السابق.
(٧) الهمزة سقطت من ب.
(٨) نقله أبو حيان في بحره ٧ / ٥٠٢.
(٩) في ب حذفها وهو الأصح.
(١٠) انظر الدر المصون ٤ / ٧٣٧.
(١١) سبق هذا البيت.