فإن لم يكن «أم» لم يجز إلا عند الأخفش (١). وتقدم ما فيه.
ويحتمل أن يكون جعله خبرا محضا ويكون معناه : هلا فصّلت آياته فكان بعضها أعجميا يفهمه العجم وبعضه عربيا يفهمه العرب (٢). والأعجمي من لا يفصح ، وإن كان من العرب (٣) وهو منسوب إلى صفته ، كأحمريّ ، ودوّاريّ ؛ فالياء فيه للمبالغة في الوصف وليس فيه حقيقيا (٤). وقال الرازي في لوامحه : فهو كياء كرسيّ وبختيّ (٥).
وفرق أبو حيان بينهما فقال : ليست كياء كرسيّ ، فإنّ ياء كرسيّ وبختيّ بنيت الكلمة عليها بخلاف ياء «أعجميّ» فإنهم يقولون : رجل أعجم وأعجميّ (٦).
وقرأ عمرو بن ميمون (٧) أعجميّ بفتح العين (٨) ـ وهو منسوب إلى العجم ـ والياء فيه للنسب حقيقة ، يقال : رجل عجميّ وإن كان فصيحا. وقد تقدم الفرق بينهما في سورة الشعراء(٩). وفي رفع أعجمي ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مبتدأ والخبر محذوف تقديره أعجمي وعربي يستويان.
والثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو أي القرآن أعجمي والمرسل به عربيّ.
الثالث : أنه فاعل فعل مضمر ، أي أيستوي عجميّ وعربيّ (١٠)؟ إذ لا يحذف الفعل إلا في مواضع تقدم بيانها.
فصل
قال المفسرون : هذا استفهام على وجه الإنكار ، لأنهم كانوا يقولون : المنزّل عليه عربي ، والمنزّل أعجمي وذلك أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يدخل على يسار (١١) غلام
__________________
(١) قال في المعاني ٢ / ٦٨٥ وقد قرئت من غير استفهام وكل جائز في معنى واحد.
(٢) الدر المصون ٤ / ٧٣٧.
(٣) قاله ابن خالويه في الحجة ٣١٧.
(٤) نقله أبو حيان في البحر المحيط ٧ / ٥٠٢ ، والسمين في الدر ٤ / ٧٣٧.
(٥) بجعل النسب فيه حقيقة ، انظر البحر المرجع السابق.
(٦) البحر المحيط المرجع السابق. والبخت والبختية دخيل في العربية أعجميّ معرب وهي الإبل الخراسانيّة وبعضهم يقول : إن البخت عربي ، والواحد بختيّ وبختيّة ، وفي الحديث : فأتي بسارق قد أتى بختيّة. اللسان بخت ٢١٩.
(٧) عمرو بن ميمون أبو عبد الله الأوديّ الكوفيّ التابعيّ أخذ القراءة عن ابن مسعود ، وروى عن عمر بن الخطاب روى عنه أبو إسحاق السّبيعي وحصين ، مات سنة ٧٥. وقيل سنة أربع. الغاية ١ / ٦٠٣.
(٨) من القراءة الشاذة ، ذكرها أبو الفتح في المحتسب ٢ / ٢٤٨ وانظر المختصر ١٣٣ ومعاني الفراء ٣ / ١٩.
(٩) فرق بين أعجمي بسكون العين ، وفتحها ، سكون العين لفظه لفظ النسب وليس هناك حقيقة نسب كما أوضح أما أعجمي بالفتح فالهمزة للاستفهام وهو منسوب للعجم وآية الشعراء هي «لَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ» ١٩٨.
(١٠) الدر المصون ٤ / ٧٣٧.
(١١) كان عبدا لهذا اليهودي وأسلم في خيبر ومات مقتولا وصلى عليه الرسول انظر أسد الغابة ٥ / ٥٣٣ ، ٥٣٤.