ابن عباس (رضي الله عنهما) (١) : يعني الكفرّى (٢) قبل أن تنشقّ. «وما تحمل من أنثى ولا تضع إلّا بعلمه» أي إليه يرد علم الساعة كما يرد إليه علم الثمار والنّتاج (٣).
قوله : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي) أي بحسب زعمكم واعتقادكم. (و) فتح ابن كثير ياء شركائي (٤). «قالوا آذنّاك» قال ابن عباس ـ (رضي الله (٥) عنهما) : أسمعناك ، كقوله (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) [الإنشقاق : ٢] ، يعني سمعت. وقال الكلبي : أعلمناك ، قال ابن الخطيب : وهذا بعيد ؛ لأن أهل القيامة يعلمون أن الله تعالى يعلم الأشياء علما واجبا ، فالإعلام في حقه محال (٦).
قوله : (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) هذه الجملة المنفية معلقة «لآذناك» ؛ لأنهما بمعنى أعلمناك ، قال :
٤٣٦٦ ـ آذنتنا ببينها أسماء |
|
ربّ ثاو يملّ منه الثّواء (٧) |
وتقدم الخلاف في تعليق أعلم (٨). و «من» للغاية. والصحيح وقوعه سماعا من العرب. وجوّز أبو حاتم أن يوقف على «آذنّاك» وعلى «ظنوا» ويبتدأ بالنفي بعدهما على سبيل الاستئناف. و «منّا» خبر مقدم. و (مِنْ شَهِيدٍ) مبتدأ ، ويجوز أن يكون (مِنْ شَهِيدٍ) فاعلا بالجار قبله ؛ لاعتماده على النفي (٩).
فصل
في معنى الآية وجوه :
قيل : ليس أحد منا يشهد بأن لك شريكا لما عاينوا العذاب تبرأوا من الأصنام.
__________________
(١) زيادة من أ.
(٢) وهي وعاء طلع النخل والكافور. اللسان كفر.
(٣) انظر معالم التنزيل ٦ / ١١٤.
(٤) الإتحاف ٣٨٢ وهي من الأربع فوق العشر المتواترة.
(٥) زيادة من أ.
(٦) الرازي ٢٧ / ١٣٦.
(٧) البيت من الخفيف ، وهو مطلع معلقة الحارث بن حلّزة اليشكريّ وأسماء اسم امرأة. والبين البعد والمعنى لا نملّ إقامة هذه المرأة بيننا لكنها أعلمتنا بالرحيل.
والشاهد : آذنتنا فإنها بمعنى أعلمتنا. وقد تقدم.
(٨) للثاني والثالث من مفاعيل أعلم وأرى ما كان لهما في با ب «علم ورأى» من جواز الإلغاء والتعليق وغيرهما ومنع قوم الإلغاء والتعليق هنا سواء ثبت للفاعل أم للمفعول ، وعليه ابن النحاس وابن أبي الربيع لأن مبنى الكلام عليهما ولا يجيء بعد ما مضى الكلام على الابتداء ومنعهما آخرون إن ثبت للفاعل وعليه الجزوليّ ؛ لما فيه من إعمالها في المفعول الأول وإلغائها بالنسبة إلى الأخيرين وذلك تناقض لأنه بقوة وضعف معا بخلاف ما إذا لم يثبت للمفعول. ومنع آخرون التعليق دون الإلغاء وعليه الأكثرون ، ومنع قوم إلغاء أعلم دون أرى ، وعليه الشلويين ؛ لأن أعلم مؤثر فلا يلغى كما تلغى الأفعال المؤثرة. وأرى بمعنى أذن موافقة في الإلغاء كما وافقه في المعنى. انظر الهمع ١ / ١٥٨.
(٩) انظر في هذا التبيان للعكبري ١١٢٨ و ١١٢٩ والدر المصون ٤ / ٧٤٠.