وهو كأعناق في عنق ، أبدلت همزته ألفا (١). ونقل الراغب أنه يقال : أفق ـ بفتح الهمزة والفاء ـ (٢) فيكون كجبل وأجبال. وأفق فلان أي ذهب في الآفاق. والآفق الذي بلغ نهاية الكرم تشبيها في ذلك بالذاهب في الآفاق. والنسبة إلى الأفق أفقيّ ـ بفتحهما (٣) ـ. ويحتمل أنه نسب الى المفتوح ثم استغنوا بذلك عن النسبة إلى المضموم ، وله نظائر (٤). قال النووي : قالوا والنسبة إليه أفقيّ بضم الهمزة والفاء وبفتحهما لغتان (٥) مشهورتان.
فصل
قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما (٦) ـ) : معنى قوله سنريهم آياتنا في الآفاق أي منازل الأمم الخالية وفي أنفسهم بالبلاء والأمراض. وقال قتادة : يعني وقائع الله تعالى في الأمم الخالية وفي أنفسهم يوم بدر. وقال مجاهد والحسن والسدي : ما يفتح الله من القرى على محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمسلمين وفي أنفسهم : فتح مكة. (٧)
فإن قيل : حمل الآية على (هذا) الوجه بعيد ؛ لأن أقصى ما في الباب أن محمدا صلىاللهعليهوسلم استولى على البلاد المحيطة بمكة ثم استولى على مكة إلا أن الاستيلاء على بعض البلاد لا يدل على كون المستولي محقا فإنا نرى بعض الكفار قد يستولي على بلاد المسلمين وعلى ملوكهم (٨) (وهذا لا يدل على كونهم) محقين.
فالجواب : أنا لا نستدل بمجرد استيلاء محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ على تلك البلاد على كونه محقا في ادعاء النبوة ، بل يستدل به من حيث إنه صلىاللهعليهوسلم أخبر عن أنه سيستولي عليها ويقهر أهلها وهذا إخبار عن الغيب ، وقد وقع مخبره مطابقا لخبره ، فيكون هذا إخبارا صدقا عن الغيب فيكون معجزا فبهذا الطريق يستدل بحصول هذا
__________________
ـ الهمزة والفاء ، ومن المحتمل أن يكون للوزن العروضي دخل في هيئة الكلمتين. وانظر الديوان له ٥٥ ، والبحر المحيط ٧ / ٤٨١ ، والدر المصون ٤ / ٧٤٠.
(١) يقصد أن آفاق جمع عن أفق وآفاق أصلها أأفاق بزنة أفعال ، فاجتمعت همزتان الأولى متحركة والثانية ساكنة فأبدلت الثانية من جنس حركة الأولى مثل : آبار ، وآثام وغيرهما.
(٢) أتى الراغب في كتابه بهذه الكلمة دون ضبط إلا أن محقق الكتاب ضبطها بالكسر.
(٣) ومحقق الكتاب ضبطها أيضا بضم الهمزة والفاء واحتمال أن يعود هذا كله إلى الطبع والسهو والله أعلم انظر المفردات (١٩) «أفق».
(٤) قال إمام النحاة سيبويه فيما جاء من النسب شاذا .. وفي السّهل سهليّ وفي الدّهر دهريّ .. وقالوا في الأفق : أفقيّ ، ومن العرب من يقول : أفقيّ فهو على القياس الكتاب ٣ / ٣٣٦ ، وانظر أيضا اللسان أفق ٩٦ ومفردات الراغب السابق ١٩.
(٥) انظر تهذيب النووي المرجع السابق.
(٦) سقط من ب.
(٧) هذه الآراء ذكرها القرطبي في الجامع ١٥ / ٣٧٤ و ٣٧٥.
(٨) ما بين القوسين سقط من أالأصل.