الفاعل ، أي أو لم يكف ربّك شهادته. وقرىء : «إنّه على كلّ» «بالكسر» (١) ، وهو على إضمار القول أو على الاستئناف.
فصل
اعلم أن قوله «بربّك» في موضع الرفع على أنه فاعل كفى كما تقدم ومعناه : أو لم يكفهم أن ربك على كل شيء شهيد ، أي شهيدا على الأشياء لأنه خلق الدلائل الدالة عليها.
وقال مقاتل : أو لم يكف (٢) بربك شاهدا أن القرآن من الله عزوجل. قال الزجاج : معنى الكفاية ههنا أن الله عزوجل قد بين من الدلائل ما فيه كفاية (٣).
قوله : (أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ) أي في شك من البعث والقيامة (٤). وقرأ أبو عبد الرحمن (٥) والحسن في مرية ـ بضم الميم (٦) ـ وقد تقدم أنها لغة في المكسورة (٧) الميم.
ثم قال : (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) أي عالم بكل المعلومات (التي لا نهاية لها (٨) فيعلم بواطن الكفار وظواهرهم ويجازي كل واحد على فعله).
فإن قيل : الإحاطة مشعرة بالنهاية ، وهذا يقتضي أن يكون معلومه (٩) متناهيا!
فالجواب : أن قوله : (بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) يقتضي أن يكون عمله بكل شيء محيطا أي بكلّ واحد من الأشياء وهذا يقتضي أن يكون واحد منها متناهيا لا كون مجموعها متناهيا والله أعلم.
روى الثعلبي في تفسيره أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «من قرأ حم السجدة أعطاه الله من الأجر بكل حرف منها عشر حسنات» (١٠).
__________________
(١) قراءة شاذة ولم ينسبها أبو حيان في البحر ولا السمين في الدر انظر البحر ٧ / ٥٠٥ ، والدر المصون ٤ / ٧٤١.
(٢) البغوي ٦ / ١١٥.
(٣) قال : «ومعنى الكفاية ههنا أنه قد بيّن لهم ما فيه كفاية في الدلالة على توحيده وبينت رسله» معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٩٢.
(٤) قاله البغوي في معالم التنزيل ٦ / ١١٥ والقرطبي في الجامع ١٥ / ٣٧٥.
(٥) هو أبو عبد الرحمن السلمي وقد تقدم التعريف به.
(٦) نقلها صاحب الإتحاف من الآية ١١ من هود وعلى ذلك فهي من الأربع الشواذ فوق العشر المتواترات وذكرها كقراءة الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٥٨.
(٧) قال في اللسان : والمرية والمرية الشك والجدل بالكسر والضمّ وقرىء بهما في قوله عزوجل «فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ». قال ثعلب : هما لغتان ، قال: وأما مرية الناقة فليس فيها إلا الكسر (ومرية الناقة أي التي تدر على من يمسح ضروعها) والضمّ غلط. اللسان (مرا) ٤١٨٩.
(٨) ما بين القوسين ساقط من أالأصل.
(٩) في ب معلوما وفي الرازي علومه ففي الثلاث اختلاف لفظي يعود إلى معنى واحد.
(١٠) ذكره الكشاف للزمخشري بدون سند. انظر الكشاف ٣ / ٤٥٩.