حكيما لما حصل هذا المطلوب على وفق الحكمة والمصلحة.
ثم قالوا بعد ذلك (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) (قال بعض المفسرين (١) المراد منه عذاب السيئات.
فإن قيل : فعلى هذا التقدير لا فرق بين قوله : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ)) (٢) وبين قوله : (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) وحينئذ يلزم التكرار الخالي من الفائدة وهو لا يجوز!
فالجواب : أنّ التفاوت حاصل من وجهين :
الأول : أن يكون قوله (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) ، دعاء مذكورا (للأصول وقوله (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ)(٣) دعاء مذكورا) للفروع وهم الآباء والأزواج والذريات.
الثاني : أن يكون قوله (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) مقصورا على إزالة عذاب الجحيم ، وقوله (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) يتناول عذاب الجحيم وعذاب موقف القيامة والحساب والسؤال.
وقال بعض المفسرين : المراد بقوله : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) هو أن الملائكة طلبوا إزالة عذاب النار بقولهم : (عَذابَ الْجَحِيمِ) وطلبوا إيصال الثواب (إليهم) (٤) بقولهم : (وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ) ثم طلبوا بعده ذلك أن يصونهم الله تعالى في الدنيا عن العقائد الفاسدة بقولهم : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) ثم قالوا (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) يعني من تق السيئات في الدنيا فقد رحمته في يوم القيامة ، ثم قالوا (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) حيث وجدوا بأعمال منقطعة نعيما لا ينقطع وبأفعال حقيرة ملكا لا تصل العقول إلى كنه جلالته والله أعلم (٥).
قوله : (يَوْمَئِذٍ) التنوين عوض من جملة محذوفة ، ولكن ليس في الكلام جملة مصرح بها عوض من هذا التنوين بخلاف قوله : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) [الواقعة : ٨٤] أي حين إذ بلغت الحلقوم لتقدّمها في اللفظ فلا بدّ من تقدير جملة يكون هذا عوضا منها تقديره : يوم إذ يؤاخذ بها (٦).
فصل
قال مطرف (٧) : أنصح عباد الله للمؤمنين الملائكة وأغشّ الخلق للمؤمنين هم
__________________
(١) أورده الرازي في تفسيره دون تعيين أيضا ٢٧ / ٣٧.
(٢) ما بين القوسين كله سقط من ب.
(٣) سقط كذلك من ب بسبب انتقال النظر.
(٤) كذا في الرازي وأ وهي ساقطة من ب.
(٥) انظر تفسير الإمام الرازي ٢٧ / ٣٧.
(٦) هذا قول أبي حيان ومن بعد السمين في الدر المصون ٤ / ٦٧٨ فقد قال أبو حيان في البحر ٧ / ٤٥٧ : «ولم يتعرض أحد من المفسرين الذين وقفنا على كلامهم في الآية للجملة التي عوض منها التنوين في يومئذ».
(٧) في ب : ابن مطرف وهو تحريف والصحيح ما عليه أفهو مطرف بن عبد الله وقد ترجم له.