يكثركم بسببه (١) ، والضمير يعود على الجعل أو للمخلوق (٢).
وقيل : يذرأكم فيه أي يخلقكم في الرحم. وقيل : في البطن.
قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) في هذه الآية أوجه :
أشهرها : أن الكاف زائدة في خبر ليس ، و (شَيْءٌ) اسمها ، والتقدير : ليس شيء مثله. قالوا : ولولا ادعاء زيادتها للزم أن يكون له مثل ، وهو محال ؛ إذ يصير التقدير على أصالة الكاف : ليس (مثل) (٣) مثله شيء فنفى المماثلة عن مثله ، فثبت أن له مثلا لا مثل لذلك المثل ، وهذا محال تعالى الله عن ذلك (٤).
وقال أبو البقاء : لو لم تكن زائدة ، لأفضى ذلك إلى المحال ؛ إذ كان (يكون) (٥) المعنى أن له مثلا وليس لمثله مثل ، وفي ذلك تناقض ؛ لأنه إذا كان له مثل فلمثله مثل وهو هو ، مع أن إثبات المثل لله تعالى محال (٦). وهذه طريقة حسنة في تقرير زيادة الكاف ، وفيها حسن صناعة(٧).
الثاني : أن «مثل» هي (٨) الزائدة كزيادتها في قوله تعالى : (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) [البقرة: ١٣٧] قال الطبريّ : كما زيدت الكاف في قوله :
٤٣٧٢ ـ وصاليات ككما يؤثفين (٩)
__________________
(١) قال الفراء : معني فيه أي به.
(٢) نقله أبو حيان عن ابن عطية في البحر المحيط ٧ / ٥١٠.
(٣) سقطت كلمة مثل من ب.
(٤) ممن قال بزيادتها أبو إسحاق الزجاج في : معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٩٥ ، وابن قتيبة في : تأويل مشكل القرآن ١٩٥ بينما صرح في غريب القرآن بالأصالة ٣٩١ ، والقرطبي في الجامع ١٦ / ٨ ، وأبو البقاء في التبيان ١١٣١ ، وأحد قولين قال بهما ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٤٥.
(٥) سقط من ب.
(٦) التبيان له ١١٣١.
(٧) أخذ المؤلف هذه العبارة من كلام السمين قال : وهي طريقة غريبة في تقرير الزيادة وهي طريقة حسنة الصناعة الدر المصون ٤ / ٧٤٧.
(٨) قال بذلك القرطبيّ : في الجامع ١٦ / ٨ ، والتبيان : ١٣٣١ ، والطبريّ في : جامع البيان ٢٥ / ٩ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٦٣.
(٩) البيت من مشطور السريع وهو لخطام بن نصر المجاشعيّ ونسب إلى هميان بن قحافة وهو يصف منزلا قد خلا أهله وبقيت فيه آثارهم ومنها صاليات وهي الأحجار التي يوضع عليها القدر. والشاهد : ككما ، فإن الكاف الأولى زائدة ، دخلت على الثانية التي بمعنى مثل فكأنه قال : كمثل ما يؤثفين كما استشهد بالبيت أيضا على مجيء المضارع من الماضي المبدوء بهمزة قطع (أثفى) زائدة على الأصل كما في يؤكرم ، وكما قال الشاعر :
فإنّه أهل لأن يؤكرما
فالكثير : يكرما ، ويثفين ، والنون نون التوكيد الخفيفة فالفعل فعل مضارع مبني على السكون لاتصال نون النسوة به كقولنا : الفاطمات يذاكرن ، وسكنت النون للشعر. وانظر شرح شواهد الشافية ٥٩ ، ـ