على الملة الحنيفية ، «واستقم» عليها (أي اثبت على الدين (١) الذي أمرك به) كما أمرك الله (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) المختلفة الباطلة.
والثاني : أنها للعلة (٢) ، أي لأجل التفرق والاختلاف ادع للدين القيم (وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) أي بأيّ كتاب صحّ أن الله أنزله يعني الإيمان بجميع الكتب المنزلة.
قوله : «وأمرت لأعدل» يجوز أن يكون التقدير : وأمرت بذلك لأعدل بينكم في الحكم(٣). وقيل : أمرت أن أعدل (٤) ، فاللام مزيدة. وفيه نظر لأنك بعد زيادة اللام تحتاج إلى تقدير حرف أي بأن أعدل (٥).
فصل
قال القفال : معناه أن ربي أمرني أن لا أفرق بين نفسي أو أنفسكم (٦) بأن آمركم (٧) بما لا أعمله أو أخالفكم إلى ما لا أنهاكم عنه ، لكني أسوي بينكم وبين نفسي كذلك أسوي بين أكابركم (٨) وأصاغركم في الحكم. وقيل معناه : لا أضيف عليكم بأكثر مما افترض الله عليكم (٩) من الأحكام.
قوله : (اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) يعني إلهنا واحد ، وإن اختلفت أعمالنا ، فكلّ يجازى بعمله ، «لا حجّة» ، لا خصومة ، (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ). نسختها آية القتال ، وإذا لم يؤمر بالقتال وأمر بالدعوة لم يكن بينه وبين من لا يجيب خصومة (١٠).
قال ابن الخطيب : ومعنى الآية أن إله الكل واحد ، وكل واحد مخصوص بعمل نفسه ، فوجب أن يشتغل كل واحد في الدنيا بنفسه فإن الله تعالى يجمع بين الكل يوم القيامة ويجازيه على عمله (١١).
فإن قيل : كيف يليق بهذه المتاركة (١٢) ما فعل بهم من القتل وتخريب البيوت وقطع النخيل والإجلاء؟! فالجواب : هذه المتاركة كانت مشروطة بشرط أن يقبلوا الدين المتفق
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب للعلم خطأ وقال بهذا الوجه أبو حيان في البحر ٧ / ٥١٣.
(٣) قال الأخفش في المعاني : أي أمرت كي أعدل. المعاني ٦٨٦ وانظر الدر المصون ٤ / ٧٥٠.
(٤) قاله القرطبي في الجامع ١٦ / ١٣ وقد نقل الأول أيضا.
(٥) فيعاد إلى حرف الجر مرة أخرى.
(٦) في «أ» «ونفسك» والأصح من ب والرازي.
(٧) في أأمرك والأصح من ب والرازي أيضا.
(٨) وانظر الرازي ٢٧ / ١٥٨.
(٩) هو رأي ابن عباس. نقله البغوي في تفسيره ٦ / ١١٩.
(١٠) السابق.
(١١) الرازي المرجع السابق.
(١٢) كذا في أوالرازي وفي ب المشاركة غير مقصود.